آلاف المليارات وعشرات الهكتارات تسيل لعاب عصابات " المافيا " بالساحل الغربي للعاصمة عادت مدينة زرالدة مع إطلالة العام الجديدة إلى واجهة الأحداث، ليس عبر مواقعها السياحية، ولكن هذه المرة على ملفات خطيرة تشعبت خيطوها وشكلت واحدا من حصون "المافيا" يصعب اختراقه انطلاقا من بيع أكثر من 1000 شقة بدون عقد ملكية بالمركب السياحي "تيرة" مرورا بمركز الأعمال الذي كلف البلدية خسارة قدرت ب 430 مليار سنتيم، وتحولت محلاته إلى أوكار للدعارة ومحطة نقل المسافرين، وصولا إلى المصانع التي شيدت بالمنطقة الصناعية التي أكد بشأنها رئيس بلدية زرالدة أنها سلمت لشخصيات وصفها بالنافذة بدون تراخيص أو عقود ملكية. * استنجد رئيس المجلس الشعبي البلدي لزرالدة، خثير محيب، عبر تصريح خص به "الشروق" برئيس الجمهورية باعتباره القاضي الأول في البلاد، للتدخل بإيفاد لجنة من الخبراء والمحققين لتعرية واحدة من اخطر وأكبر الفضائح التي تسببت فيها عصابات "المافيا "على مستوى بلديته، ما أدى إلى تعفن الوضع وبلوغه درجة لا يمكن -حسبه- السكوت عنها، بعدما انكشف بالدليل القاطع تورط منتخبين محليين إلى جانب أسماء بدرجات متفاوتة في المسؤولية متواجدة بهيئات مختلفة، وشكلت "جمهورية مستقلة عن الجزائر"، مشيرا إلى تورط مديرة مركز الأعمال بزرالدة، وعضو بالمجلس البلدي وفي نفس الوقت يملك إلى جانب سيدة منتخبة تسيير ملهى ليلي بذات المركز، ولتجديد عقد إيجار فندق النور و"الكباري" الواقعين بالمركز التجاري، يضيف ذات المتحدث انه كان محل مساومة بالرشوة بمبلغ 500 مليون سنتيم من طرف المديرة الحالية للمركز التجاري (ت. ن) برفقة بعض أعضاء الفرع النقابي للمركز، مؤكدا في ذات السياق أن كل هذه التصريحات موثقة بسجل البلدية. * "احذر أن تفتح فمك في زرالدة.. فقد تتحول إلى متهم" * ومن بين الهيئات التي يقول رئيس بلدية زرالدة أنها ضالعة في التستر على التجاوزات الخطيرة لأعضاء من البلدية ومديرين تعاقبوا على تسيير مركز الأعمال، إضافة إلى بعض الجهات الإدارية، حيث يضيف انه قدم رفع ما يزيد عن 20 عريضة بين شكوى وتذكير بها لدى الهيئات القضائية المختصة إقليميا منذ العام 2008 الى يومنا هذا (تحوز الشروق على نسخ منها)، ثبتت فيها الممارسات والتجاوزات الخطيرة في عدة هيئات محلية، تتعلق بملف مركز الأعمال، تبديد المال العام، الإهمال وسوء التسيير، بالاستناد إلى تقرير مجلس المحاسبة. * والغريب -يقول محدثنا- ان كل شكاويه تتمحور حول حماية المال العام وسعي بعض الأطراف النافذة إلى تفجير الوضع، وهذا بالدليل القاطع، لم تؤخذ بعين الاعتبار، في المقابل يتم تسريع تحريك دعاوى بعض المنتخبين ضد رئيس البلدية، تستند إلى شبهات وتهم باطلة قائمة على شهادات الزور لبعض الأطراف المحلية والجهوية المتغلغلة في مفاصل الإدارة. * وفي ذات السياق، أشار السيد خثير محيب إلى استدعاء مبرمج بتاريخ 22 / 12 / 2010 لعرض ملفه على غرفة الاتهام بمجلس البليدة، وهذا الاستدعاء مؤرخ في 13 من نفس الشهر، غير ان مركز البريد بالبليدة يؤكد -حسب نسخة تحوزها "الشروق"- انه مؤرخ في 23 / 12 / 2010. * وبخصوص رئيس البلدية السابق والعضو الحالي (ب. م) الذي كان في نفس الوقت يمارس مهام رئيس مجلس إدارة مركز الأعمال، الذي سجل بداية الهاوية بالنسبة لهذا الصرح الاقتصادي والثقافي للمدينة، بعد الانحراف عن نشاطاته الأساسية، خاصة فندق "النور" الذي تحول حسب أقوال رئيس البلدية الحالي، إلى وكر للدعارة، على مرأى الهيئات الأمنية التي تغض الطرف عن هذه النشاطات، لأسباب قال محدثنا إنها تبقى مجهولة، مشيرا إلى عدم خضوع فئة معينة من الزبائن لإجراءات الإقامة بالفندق منها ملء استمارة الزبون، وفق المعمول به في دول العالم. * رغم أنف الوالي .. عادت فطيمة إلى عادتها القديمة * ومن بين القضايا الشائكة والخطيرة، يذكر رئيس بلدية زرالدة قضية المركب السياحي "تيرة" الذي أنجز على مساحة تفوق 8 هكتارات استولى عليها من الوعاء العقاري للبلدية، وباع منها أكثر من 1000 غرفة لشخصيات نافذة أكثرها متواجدة في قطاع العدالة، على حد قول رئيس بلدية زرالدة، بدون عقود ملكية، وتمارس الدعارة، بالإضافة إلى مركز الأعمال الذي كلف البلدية 430 مليار سنتيم خسارة لفترة تفوق العقد. كما أشار إلى حظيرة المركز التي حولت وبطريقة غير قانونية إلى أكثر من 100 محل تجاري، يجهل اتجاه مداخيلها، والذي أصبح مصدر قلق وإزعاج لمواطني البلدية، إلى جانب تحويل قاعة المحاضرات إلى ملهى ليلي "كباري" لم يتوقف عن النشاط برغم قرار والي الجزائر. * وفي انتظار تحرك السلطات العليا للبلاد، أكد رئيس بلدية زرالدة ان لديه ما يكفي لتأكيد تورط وتواطؤ الكثير من "الأسماء" مؤكدا في سياق متصل، انه برغم الأجواء والمحيط الخطير والتهديدات التي يتعرض لها، وأمام تغلغل واستقراء ما وصفه ب "المافيا ولوبي الفساد"، إلا انه سيبقى في خدمة ناخبيه، مشددا على استعداده لتحمل مسؤولياته الكاملة في حال ثبوت تورطه في أي قضية تمس بالصالح العام، كما وجه نداه إلى رئيس الجمهورية والقاضي الأول في البلاد بضرورة تدخله العاجل من خلال إيفاد لجنة لإجراء تحقيق معمق ودقيق حول واحد من حصون المافيا والفساد في الجزائر. *