ان الفرح الإيجابي يتحرك في اوساط ابناء الأمة مشرقا ومغربا لما انجزه الشعب التونسي من انتصار لكرامته وعزته في مطاردة جلاديه وممتصي خيراته وقاتلي ابنائه ومستذلي حرماته.. * انه فرح بانتصار في زمن اليأس والإحباط جراء هزائم الحكومات وانتكاس الرسمية العربية الى دور الخانع الذليل لسياسات اعداء الأمة التاريخيين.. فحق لأمتنا ان تفرح في اليمن ومصر وفلسطين والأردن وكل بلاد العرب والمسلمين، وما كانت رايات تونس وهي ترتفع في عواصم العرب الا دليلا على التحام الأمة في همومها ووحدتها في مصيرها.. فمبروك للأمة انتصارها العزيز.. * وحتى تكتمل الفرحة ولا تذهب طموحات الأمة هباء ولا تصبح دماء الشهداء الكرام هدرا لا بد من التنبه الى خطورة المرحلة القادمة، فلازال النظام التونسي يترنح وهو ان استطاع ان يخترق صف القيادة التونسية وارباك الساحة بمستنقع دم فقد يتمكن من خلال فلوله المنتشرة ان يعيد سطوته، لهذا وجب على الجميع الحذر في هذه الساعات الحرجة.. والواجب هنا على الأمة وعلى الشعب التونسي بالدرجة نفسها. * على التونسيين الأحرار سد الثغرات والتي يمكن ان يتسرب منها مخطط قوى النظام المترنح.. عليهم ان يتقدموا لملء الفراغ السياسي والدستوري وان يشكلوا مرجعية للمجتمع والدولة وان يتواضعوا على برنامج مرحلي لتسيير الأمور خلال الأيام الانتقالية تهيئة لانتخابات قريبة برلمانية ورئاسية لا تستثني أحدا من المكون السياسي ودونما اقصاء.. * وعلى العرب شعوبا ومنظمات أهلية ومن يستطيع من الحكومات ان يقوم بإنقاذ الوضع الانساني في تونس، لأن الأمور بلغت مرحلة صعبة على صعيد الاحتياجات الأولية من غذاء وماء، وهذا رهان خطي،ر فمع الضربات القوية التي صدعت النظام، حاولت جهات مختصة إرباك الانتفاضة الثورة ودفع الناس الى مستنقع الخوف والجوع والعوز لينقلب الناس من جديد على قياداتهم السياسية، في حين يتم فتح أبواب لهم من قبل اطراف تابعة للنظام. * من المفترض ان يقوم العرب والمسلمون بإسناد إخوتهم في تونس بعد شهر دام بكل مقومات الحياة لكي يظل رأسهم مرفوعا وانتصارهم عزيزا.. وكل الذين تبرعوا بمواقف تبدي احتراما للشعب وخياراته، عليهم الآن التقدم عمليا لسد الرمق لأسر الثوار الذين نزلوا الى الشوارع شهرا كاملا.. وهذا يمتد الى الأخذ بعين الاعتبار ان البلد مفلس ومرهق بالعجز والديون.. وان وقائع مؤلمة قد تحدث بعد قليل من عدم القدرة على الإيفاء بالأجور للموظفين وغير ذلك من مستتبعات. * حتى تكتمل فرحة الشعوب ويحقق الشعب التونسي غاياته، يبدو ان التفكير بالغد أمر ضروري قبل ان نرى تدخل الأجانب لإغاثة اخواننا في تونس، ونحن نعرف ثمن معوناتهم.. فحماية كرامة تونس وحماية انتصارها مسألة في صميم الأمن القومي العربي، كما انها خطوة تأسيسية للمراجعات الضرورية من اجل انتصار الأمة وتحقيق كرامتها وسيادتها.