عاد رابح كبير، العضو القيادي البارز في "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحلة، إلى الجزائر، مساء أمس، بعد 15 سنة من المنفى الاضطراري في ألمانيا، وكان برفقته اثنان من قيادات "الفيس" وهما عبد الكريم غماتي وعبد الكريم ولد عدة. وصرح كبير، الذي شغل لسنوات منصب رئيس الهيئة التنفيذية للجبهة الإسلامية المحلة في الخارج، لدى خروجه من مطار هواري بومدين الدولي الجديد، قائلا "هذه فرصة طيبة لتواجدي في بلدي وسنعمل للسعي في مسار المصالحة الوطنية". غنية قمراوي وكان في انتظار رابح كبير عدد كبير من قيادات الحزب المحل مثل علي بن حاج الرجل الثاني في "الفيس" وقيادات سابقة في التنظيمات المسلحة مثل مصطفى كرطالي ومدني مزراڤ ووعد رابح كبير عددا كبيرا من الصحافيين الذين كانوا في انتظاره بتنظيم مؤتمر صحافي اليوم الاثنين، ببوزريعة يتناول فيه مستقبل المصالحة الوطنية في الجزائر. وكان لافتا في عودة رابح كبير خروجه من المطار عبر رواق خاص وحضور عدد كبير من مناضلي "الفيس" الذين توافدوا بشكل كبير على مطار هواري بومدين الدولي وأيضا عدد أكبر من أعوان الأمن الوطني في الزيين الرسمي والمدني. وقال "كبير" في اتصال هاتفي مع "الشروق اليومي" قبيل مغادرته مدينة فرانكفورت، مساء أمس، قادما إلى الجزائر: "إنني أشعر بشعور من البهجة بالعودة إلى وطني وفي نفس الوقت بعض من القلق". وأضاف "أنه لم يتوقف عن استقبال المكالمات الهاتفية والفاكسات العديدة بإقامته بألمانيا منذ أن انفردت "الشروق اليومي" أول أمس السبت، بنشر خبر موعد عودته إلى الجزائر، وكانت المكالمات غزيرة من شخصيات سياسية وصحفيين محليين وأجانب، للاستفسار عن موعد عودته، خاصة وأن هذه الأخيرة تأجلت إلى موعد ما بعد انتهاء آجال إجراءات السلم والمصالحة الوطنية، بينما كان يفترض أن يعود كبير وآخرون من قادة الفيس المحل في الخارج من منفاهم نهاية شهر جويلية، ما كان سيفسر وقتها باستفادتهم من آجال الميثاق. وصرح مصطفى كبير، شقيق رابح كبير القيادي في الحزب المحل، الذي عاد أمس، إلى الجزائر أن "رئيس الجمهورية شخصيا ورئيس الحكومة الحالي هما اللذان رفعا العراقيل لعودة رابح كبير إلى أرض الوطن". وأضاف لجمع غفير من رجال الإعلام بمطار هواري بومدين الدولي قبيل وصول شقيقه من ألمانيا، أن عودة شقيقه يعتبر "نقلة نوعية بالنسبة لمسار المصالحة الوطنية". وقال "نتمنى أن تستغل هاته النقلة من طرف الحكومة والشعب في الانتقال بالبلاد من واقع إلى واقع أفضل". وأوضح بالمقابل أنه "كنا في تنسيق مستمر مع السلطات - أي عائلته - ومع الإخوة في الخارج منذ مدة طويلة وبعد التأخر الذي حصل باعتراف الدولة نفسها، كان لابد أن تحرك الدولة الملف بشكل أكبر وهذا ما حصل فعلا". من جهته، قال علي بن حاج الرقم الثاني في الحزب المحظور "لقد جئت لتحية أخي، فهو بحاجة لإلقاء التحية إليه بعد طول غياب". وجدد بن حاج رفضه لميثاق السلم والمصالحة الوطنية، حيث قال "لم آت لتزكية ميثاق السلم والمصالحة الوطنية". واعتبر مدني مزراڤ، أمير الجيش الإسلامي للإنقاذ المحل، عودة مسؤول الهيئة التنفيذية للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة في الخارج، رابح كبير، بعد 14 سنة من المنفى، رفقة عبد الكريم غماتي الذي كان نائبا له، وولد عدة إلى الجزائر أمس، دلالة أخرى على التقارب الذي حصل بين الحكومة والجماعات الإرهابية التي كانت تسعى - حسبه - لإقامة حكم إسلامي بالجزائر، وأضاف مدني مزراڤ في تصريح لوكالة "رويترز" غداة عودة رابح كبير من ألمانيا إلى الجزائر، أن عودة هذا الأخير تعتبر أكبر برهان على نجاح المصالحة الوطنية في الجزائر. عباسي يعرب عن تفاجئه لانضمام السلفية إلى تنظيم القاعدة من جهته، ناشد أمس، عباسي مدني الرجل الأول في الفيس المحل رئيس الجمهورية إصدار "عفو عام وشامل" لطي صفحة المآسي، ورفع حالة الطوارىء، معبرا عن تخوفه من مسألة إعلان انضمام الجماعة السلفية للدعوة والقتال إلى صفوف القاعدة. من جهة أخرى، عبر عن مساندته لمبادرة تعديل الدستور. مواقف عباسي مدني التي أعلنها أمس، في بيان تسلمت "الشروق اليومي" نسخة منه، حملت في طياتها "تثمينا" لبعض الإنجازات التي قام بها الرئيس بوتفليقة، والتي حصرها مدني في "إحداث بعض التغييرات في المؤسسة العسكرية والحكومة، في إشارة إلى الحركة الأخيرة التي قام بها بوتفليقة على رأس مؤسسة الجيش الشعبي الوطني بمناسبة ذكرى الاستقلال، ورحيل أحمد أويحيى من على رأس الحكومة المحسوب على التيار الاستئصالي، واستخلافه بعبد العزيز بلخادم. واعتبر عباسي مدني تلك الإجراءات "محاولات إصلاحية رامية إلى إعادة القرار للشعب صاحب السيادة". وفي نفس السياق ثمّن عباسي أيضا، خطوة "الإفراج عن العديد من أبناء الشعب وعودة بعض اللاجئين السياسيين"، في إشارة إلى عناصر الجماعات المسلحة الذين استفادوا من تدابير الإفراج وفقا لبنود المصالحة، وبداية عودة بعض النشاطين السابقين في الفيس المحل كرابح كبير الذي عاد أمس، إلى الجزائر. كما ثمّن أيضا عملية التكفل "ببعض عائلات المتضررين من الأزمة، في انتظار أن يشمل هذا التكفل ما تبقى من العائلات، كعائلات المفقودين"- على حد قوله. من جهة أخرى، عبّر عباسي مدني عن "تفاجئه" بخبر انضمام جماعة مسلحة جزائرية إلى تنظيم القاعدة، في إشارة إلى الجماعة السلفية للدعوة والقتال، مضيفا أنه "لئن صح الخبر المنذر بتدويل القضية الجزائرية، الذي لا يزيدها إلا تفاقما وتعقيدا"، محذرا من أن ذلك ستنتج عنه "أضرار"، لخصها في "إعطاء جرعة أوكسجين للاستئصاليين" الذين قال عنهم إنهم في "حالة احتضار"، وكعادته بادر عباسي مدني بتوجيه بعض التهم للمؤسسة العسكرية ب "تصعيد العمليات القمعية ضد المدنيين العزل كعمليات التمشيط والاختطاف"، وقال إنهما "عادتا بشكل مخيف عبر الوطن". وبعدما انتقد عباسي مدني ما وصفه بتهافت وسائل الإعلام والدوائر السياسية الفرنسية وتوظيفها خبر انضمام الجماعة السلفية لتنظيم القاعدة، لأغراض انتخابية لتبرير سياسات التصفية إزاء الجاليات العربية، وتزامن ذلك مع تصريحات بابا الفاتيكان، خاطب عباسي مدني رئيس الجمهورية، محذرا إياه من أن "مصير الشعب الجزائري يواجه خطرا محدقا بتربص كل طامع في المزيد من نهب ثرواته". وعليه ناشد عباسي مدني الرئيس بوتفليقة المبادرة بإصدار "عفو عام وشامل لطي صفحة المآسي"، وكذا "رفع الغبن عن الشعب بإصلاح الدستور لضمان كفالة الحريات، والفصل بين السلطات لضمان العدل والمساواة عبر إصلاح مؤسسات الدولة المنشودة"، كما طالب عباسي بوتفليقة ب "رفع حالة الطوارىء"، التي وصفها بأنها "وصمة عار في تاريخ الجزائر المعاصر".