أحلام "الحراڤة" في الزواج من إيطاليات تتبخر على أبواب السفارة والقنصلية تبخرت أحلام المئات من "الحراڤة" الجزائريين، إن لم نقل الآلاف في إيطاليا بتسوية وضعياتهم في هذا البلد الأوربي، حيث وبعد إقرار المحكمة الدستورية الإيطالية منح حق الزواج للمهاجرين غير الشرعيين في إيطاليا "الحراڤة" رغم عدم امتلاكهم وثائق العمل والإقامة، إلا أن الممثليات الدبلوماسية الجزائرية مازالت ترفض منح جوازات السفر للمئات من الجزائريين في إيطاليا. * التقت "الشروق" بالعشرات من الجزائريين "حراڤة" ومقيمين بصورة شرعية في إيطاليا، وذلك في سوق "بورتا بالاتسو" "باب القصر" بمدينة تورينو شمال البلاد، أو سوق العرب، كما يسمى هنا، حيث يخيل لك أنك في إحدى أسواق المغرب العربي، حيث وبمجرد أن تعرف علينا عبد الرحمن المدعو دحمان من الحراش ونبيل من سوق أهراس وإسماعيل من بلكور، حتى صب الجزائريون جام غضبهم على القنصلية في ميلانو السفارة في العاصمة روما. * حيث يقول دحمان إن السلطات والهيئات الدبلوماسية الجزائرية تنظر دوما للجالية الجزائرية في إيطاليا دوما على أنها ليست جالية وإنما كحراڤة فقط، إن الاهتمام كل الاهتمام يتوجه نحو جزائريي فرنسا، لقد أصبحنا نحس وكأننا لسنا جزائريين إننا نريد أن نعرف ونفهم ما هو ذنبنا. * ويواصل نبيل من سوق أهراس قوله حتى تجديد جواز السفر لم يعد سهلا، إني أمتلك الجنسية الجزائريةوالتونسية في نفس الوقت، في البداية أردت تجديد جواز سفر جديد من القنصلية الجزائرية في ميلانو، لكني اصطدمت بإجراءات بيروقراطية وشروط تعجيزية لم نفهم مغزاها وسببها، وبعدها يقول نبيل السوق أهراسي "توجهت إلى القنصلية التونسية في ميلانو وصدقني لقد حصلت على جواز سفري في 24 ساعة"، ويضيف نبيل متسائلا "لماذا التونسيون والمغاربة لا يواجهون هذه الإجراءات وهذه الشروط التعجيزية إننا تريد أن نفهم لماذا؟". * وبحسب شهادات أفرد الجالية والذين كانوا خليطا من المقيمين بصفة شرعية ومن "الحراڤة"، فإن أحلام تسوية الوضعية في إيطاليا قد تبخرت بالنسبة لآلاف الجزائريين في هذا البلد، حيث مكنتهم المحكمة الدستورية الإيطالية من الزواج حتى بدون وثائق، لكن السلطات الايطالية تطلب من الحراڤ المتقدم للزواج بعض الوثائق الضرورية لإتمام زواج الحراڤ من ايطالية أو زواج الإيطالي من مهاجرة غير شرعية، حيث أن البلدية "إل كوموني" ولتسجيل الزواج تطلب من الحراڤ جواز سفر لاثباث الهوية وهذا أمر طبيعي. * لكن غير الطبيعي والمعادلة التي لم نجد لها حلا هي أن المصالح الديبلوماسية الجزائرية ترفض منحنا جواز السفر الضروري لإتمام الزواج وتطلب منا التصريح بالإقامة الذي لم تطلبه السلطات الايطالية، رغم أنها هي المسؤولة والمعنية مباشرة بوثائق الإقامة وليس القنصلية الجزائرية، حيث يقول إسماعيل متسائلا، ما ذا يريدون هل يريدون أن يقوموا بدور الشرطي لصالح السلطات الايطالية أم ماذا؟، إني أعرف العديد من الجزائريين الذين أرادوا ولكن شروط القنصلية التعجيزية اضطرتهم لشراء عقد عمل بنحو 2000 أورو، أو ما يقارب 50 مليون سنتيم من أجل الحصول على الإقامة وبعدها الحصول على جواز السفر رغم انه من حق كل جزائري الحصول على جواز سفر بلده، إنها فعلا معادلة مستحيلة الحل يقول إسماعيل. * * نقل جثامين الموتى.. قصة أخرى من العذاب * حديثنا مع أفراد الجالية الجزائرية في طورينو قادنا إلى الحديث عن مشكل لطالما أرق الجزائريين، ليس في ايطاليا فقط إنما في المهجر بصفة عامة، إنه نقل جثمان الجزائريين المتوفين بالخارج حيث يقول كريم من بلكور من قبل قرابة 15يوما فقط توفي صديق لي من ڤالمة يدعى مختار ويقيم هنا في مدينة طورينو، والغريب في الأمر يقول إسماعيل إننا اتصلنا بالقنصلية الجزائرية في ميلانو، ولكم أن تتصوروا كيف أن قنصلية ميلانو طلبت منا نحن أصدقاء المرحوم جمع مبلغ 2000 أورو لنقل الجثمان إلى الجزائر، لماذا نعامل نحن الجزائريين هكذا من طرف ممثلياتنا الدبلوماسية، لماذا لا يطرح نفس المشكل لدى الأشقاء المغاربة والتونسيين؟، ويؤكد إسماعيل انه لو لم يتكفل أصدقاء المرحوم بنقل الجثمان وقيامنا بحملة في أوساط الجزائريين هنا لتأمين المبلغ لبقي جثمان صديقه المتوفي مختارا هنا في إيطاليا وسيكون مصيره الحرق بعد 6 أشهر إن لم يتم نقله إلى بلده. * * الخط البحري للمسافرين مجرد وعود للاستهلاك * سخط أفراد الجالية بايطاليا عن عدم الاهتمام بهم من طرف السلطات العمومية امتد ليشمل تنقلهم وعودتهم خاصة في فصل الصيف إلى الجزائر مع عائلاتهم، حيث روى أفراد الجالية معاناتهم في الحصول على مكان على الباخرة انطلاقا من ميناء مرسيليا أو من أحد المواني الإيطالية باتجاه تونس، وقالوا بأن الظفر بمكان من ميناء مرسيليا ليس أمرا سهلا في ظل تواجد الجزائريين بشكل مكثف في فرنسا إضافة إلى مشقة التنقل من إيطاليا إلى فرنسا من اجل ركوب الباخرة، وحتى الخطوط نحو الموانئ التونسية تصير مشبعة بمجرد حلول فصل الصيف ودخول موسم العطل. * وأوضح أفراد الجالية بأنهم لطالما سمعوا حديثا عن فتح خط بحري بين مدينة جينوفا الإيطالية وأحد الموانئ الجزائرية في فترة العطل الصيفية، لكن ما سمعوه بقي مجرد كلام ووعود من السلطات للاستهلاك الإعلامي وفقط. * "الدلالة" وسوق الشيفون ملاذ الجزائريين والعرب بطورينو * جولتنا داخل حي "بورتا بالاتسو" استمرت وتزامنت مع عطلة نهاية الأسبوع، حيث يتوافد المهاجرون وبقوة على سوق الدلالة والمنتجات المستعملة "الشيفون" ومن كل الأصناف والأنواع، حيث أن من لا يعرف المكان سيجزم بأنه ليس في دولة أوربية بل في دولة من دول المغرب العربي، حيث يتوافد المهاجرون من جنسيات مختلفة... جزائريون وتونسيون ولو أن المغاربة يشلكون الغالبية العظمى وهذا للأمانة، حيث لا تكاد تسمع حديثا باللغة الإيطالية وتسمع فقط اللهجات المغاربية تقريبا من المغربية إلى الجزائريةوالتونسية وحتى المصرية، الكل يبيع ويشتري، لكن كل السلع شيفون وأكوام من الشيفون، ملابس وأحذية هواتف نقالة كاميرات تصوير وغيرها. * في داخل السوق قابلنا أحد الجزائريين من بومرداس يسمى عبد الرحمن يعيش في بطالة منذ مدة ويمارس تجارة الشيفون بسوق "بورتا بالاتسو"، حيث يقول عبد الرحمن إن وطء الأزمة الاقتصادية كان عميقا لا يوجد عمل، إني هنا منذ أكثر من عام أمارس بيع السلع المستعملة، لقد صارت تلقى رواجا حتى من الإيطاليين أنفسهم فما بالك بالمهاجرين العرب والأفارقة. * وعلى جنبات سوق "بورتا بالاتسو" كانت مفاجأتنا كبيرة بتواجد قمصان المنتخب الوطني الجزائري تباع جنبا إلى جنب مع قمصان المنتحب الإيطالي والفرنسي والألماني، لكن المثير للاتنباه أن قمصان المنتحب الوطني أغلى وبكثير من نظيرتها الفرنسية وعديد الدول، حيث يقدر ثمن القميص وحده ب22 أورو، بينما يقدر قميص المنتخب الفرنسي ب16 أورو، أما البدلة الرياضية الكاملة فتقدر ب72 أورو. * من هنا كان زيدان يشتري "اللفت" لإعداد الكسكسي القبائلي * الشهرة المغاربية لسوق بورتا بالاتسو طالت أيضا نجوم كرة القدم في ايطاليا ومنهم النجم الفرنسي جزائري الأصل زين الدين زيدان لما كان لاعبا في نادي "يوفنتوس" طورينو، حيث يقوا عاشور وهو موسيقي جزائري مقيم بطورينو منذ سنوات لقد كان هذا السوق مقصدا للاعب الفرنسي ذي الأصول الجزائرية زين الدين زيدان، كان يتحدث إلى المهاجرين الجزائريين والعرب هنا يلتقط معهم الصور وغيرها، لكن الشيء المثير للانتباه يقول عاشور هو أن زيدان كان دوما يبحث عن اللفت في هذا السوق من أجل إعداد الكسكسي القبائلي الجزائري خاصة عند زيارة أفراد عائلته من فرنسا إلى مدينة طورينو.