النتائج المؤقتة لانتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة: المحكمة الدستورية تستلم ثلاثة طعون    سونلغاز تبحث مع الشركة الجزائرية للتأمين مرافقتها في مشروع المحطة الكهربائية بالنيجر    رئيس الجمهورية يشرف على تدشين مصنع تحلية مياه البحر "رأس جنات 2"    مونديال 2026 (المجموعة ال7- الجولتين ال5 و ال6) موزمبيق: توجيه الدعوة ل25 لاعبا تحسبا لمواجهتي اوغندا و الجزائر    الجامعة الجزائرية تمكنت من إرساء بحث علمي مرتبط بالابتكار وخلق الثروة    الجيش الوطني الشعبي : القضاء على إرهابي وتوقيف 37 عنصر دعم للجماعات الإرهابية خلال فبراير المنصرم    الدورة ال14 للجمعية العامة الاستثنائية الانتخابية للكاف: رئيس الفاف بالقاهرة للمشاركة في الاشغال    انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة: المحكمة الدستورية تشرع في استلام محاضر الفرز    شهر رمضان بغليزان... مبادرات خيرية تجسد أسمى صور التكافل والتضامن    الفتوحات الإسلامية.. فتح الأندلس.. "الفردوس" المفقود    رمضان.. شهر التوبة والمصالحة مع الذات    أدعية لتقوية الإيمان في الشهر الفضيل    لازاريني: تفكيك وكالة "الأونروا" سيعمق معاناة اللاجئين الفلسطينيين    المفوضية السامية لحقوق الإنسان تحذر من خطورة وقف الكيان الصهيوني إمداد قطاع غزة بالكهرباء    رابطة العالم الإسلامي تدين قرار الاحتلال الصهيوني قطع الكهرباء عن قطاع غزة    افتتاح ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد بمناسبة الشهر الفضيل    إطلاق حاضنة المدرسة العليا للفنون الجميلة "آرتي"    ندوة حول "مسرح علولة والبحث العلمي": إبراز جهود الباحثين في إثراء أعمال المسرحي عبد القادر علولة    7 سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية    مجلس الأمة يقرر عقد جلسة علنية عامة الخميس المقبل    هوان الأمة من تفرقها..!؟    النص الجديد هدفه تعزيز الشفافية والاستقرار في القطاع    توقيف شخص وحجز 315 رأس خروف "بوزلوف"    إحالة سائق شاحنة النقل العمومي على محكمة الجنح    ضرورة إنتاج المواد الأولية للأدوية للتقليل من الاستيراد    لا تسمح بالمشاركة في الامتحان المهني للالتحاق برتبة مفتش    توبة يقدم حلا لبيتكوفيتش قبل مواجهتي بوتسوانا والموزمبيق    هجوم فرنسي مستمر على غويري وبن ناصر    حامل اللقب في مواجهة اتحاد الشاوية وداربي عاصمي واعد في القبة    داربي عاصمي واعد في القبة    خبراء يُثمّنون تعليمات رئيس الجمهورية    المرأة شريك فاعل في صناعة القرار وقيادة التغيير    دعم العمل الإفريقي المشترك لكسب الرهانات    إشادة بدور المرأة في ترقية قطاع التجارة    بحث التعاون مع "بهوان" العمانية و"هيونداي" الكورية    "شباح السفرة" فخر المطبخ القسنطيني    المختص في التغذية كريم مسوس: ابتعدوا عن الأغذية الفارغة    مشروع خزان ماء مهمل    تحذيرات دولية من تفاقم الوضع المأساوي بغزة    جلسة مشاورات مغلقة حول "المينورسو"    قوة فرنسا تلاشت مع النّفوذ الصاعد للجزائر    صراع من أجل أرض الأجداد وتعدّد أدوار البطولة    برنامج رمضاني متنوّع وثريّ    الدروس المحمدية من 13 إلى 21 مارس    60 ألفاً يُصلّون بالأقصى    "بريد الجزائر" ينصّب 167 شباك آلي جديد    نزول الوحي    الابتكار والمقاولاتية رهان استراتيجي لتحقيق الأمن الغذائي    قريبا.. إنتاج المادة الأولية للباراسيتامول بالجزائر    معسكر : افتتاح الطبعة الأولى للتظاهرة التاريخية "ثائرات الجزائر"    قويدري: التأكيد على "أهمية إنتاج المواد الأولية التي تدخل في صناعة الأدوية بالجزائر"    وقفات مع الصائمات    صلاح يزحف نحو القمة..    مستشفى مصطفى باشا يتعزّز بمصالح جديدة    دورة جيمنيكس الدولية بكندا: تتويج كايليا نمور في اختصاصي العمودين غير المتوازيين وعارضة التوازن    فتح باب الترشح للطبعة ال8 لجائزة "كاكي الذهبي" للكتابة الدرامية    مجالس رمضانية في فضل الصيام    صناعة صيدلانية: قويدري يشيد بدور المرأة المحوري في ترقية القطاع    









دماغ أينشتاين وقدم ميسي..‬
نشر في الشروق اليومي يوم 18 - 01 - 2012

جاء في كتب الأثر أن زرقاء اليمامة، وهي امرأة من جديس »كانت تُبصر الشَعَرةَ البيضاء في اللبن، وتَنْظُر الراكب على مسيرة ثلاثة أيام، وكانت تُنذر قومها إِذا غَزَتهم الجُيوش، فلا يَأتيهم جَيْشٌ إلا وقد استعدُّوا له، حتى احتال لها بعضُ مَن غزاهم، فأمر أصحابَه فقطعوا شجراً وأمْسكوه أمامهم بأيديهم، ونظرت الزَرقاء، فقالت: إنِّي أرى الشجر قد أقبل إليكم؛ قالوا لها: قد خَرِفْت ورَقّ عقلُك وذَهَب بصرُك، فكذَّبوها، وَعند الصباح أغارت عليهم الخيلُ ودمرتهم، وقُتلت الزَّرقاء. فقأوا عَينيها فوجدوا عُروقهما قد غرِقت في الإثمد ‮(‬الكحل‮)‬ من كثرة ما كانت تَكْتحل به‮«‬..‬
امرأة لا هي عرّافة ولا قارئة فنجان، ولا تملك تيليسكوبا يستكشف النجوم عن بعد (...) ترى الشيء عن مسافة ثلاثة أيّام، ليست أسطورة ولا خرافة، فهي مضرب الأمثال اليوم في بُعد النظر وحدّته. فلو أنّها في أيامنا هذه، لما تركت المختبرات جزءا منها إلا بحثته، وأمعنت النبش في تفاصيل ومجاهيل عينيها حتى تعرف السرّ.. ولم يكن سوى مسحوق حجر أسود ‮(‬كحل‮)‬ تدقّه بيديها، وتزيّن به عينيها، فترى ما لا يراه أهل اليمن ونجد والحجاز..‬
في العام 1907 نشرت سبيتزاكا بحثا مفصّلا يتضمّن 137 حالة تتعلّق ب»أدمغة« رجال ونساء ممن كان لهم ولهنّ أثر في مسيرة الإنسانية، مثل الموسيقار باخ والفيلسوف ديكارت.. إذ استهدفت الأبحاث كلّ ما له صلة بالدماغ، وزنه وتجاعيده.. لمحاولة فكّ لغز التفرّد الذي يحوزه هذا العبقري..‬
وزاد الاهتمام بهذه الدراسات المتميّزة جدّا، بعد الحرب العالمية الثانية، حين ازداد التهافت على العقول العلمية، في ألمانيا وأوروبا، والدّفع بها إلى الهجرة نحو أمريكا.. ومثّل أينشتاين العقل الصافي في كلّ هذا، ليس كونه واضع نظرية النسبية E=mc2 وحيازته نوبل للفيزياء وجوائز أخرى فحسب، ولكن للرجل حكمته في حياة مثيرة، وضع فيها أبجدية صنع القنبلة الذرية ثم انقلب على موقفه(...) وأدرك بعد عمر طويل أنّه لن يمانع في أن يأخذ العلماء دماغه بعد موته (1955) ويدرسونه، فلا نسبيّة في العلم(...) وقام فريق من الباحثين بقيادة توماس هارفي أحد علماء الأحياء الأمريكيين بدراسة دماغ الرجل الذي حيّر العالم حيّا وميّتا..‬
كانوا يقرأون دماغ أينشتاين، ويرددون مقولاته الخالدة، مثل »علم بلا دين أعرج، دين بلا علم أعمى..« أو أنّ »الحياة مثل دراجة هوائية، كلّما تقدّمنا أكثر، حافظنا على التوازن«، أو أنّ »مشكلة العالم ليس في القنبلة الذرية، ولكن في قلب الانسان«، أو قوله »التخيّل أهمّ من العلم« أو قوله »لا تُحاولْ أن تكون إنسانا ناجحا، بل كن إنسانا ذا قيمة«، أو قوله »ضع يدك لمدة دقيقة على موقد نار، وستشعر كأنّ المدة تفوق الساعة، واجلس قريبا من امرأة جميلة مدة ساعة، وستشعر كأنك لم تقض سوى دقيقة. تلك هي النسبيّة لمن لم يفهمها«.
لقد شكّلت دراسة دماغ العبقري الذي يعترف أنّه لم ينجح في دراسته إلا بصعوبة بالغة، تحوّلا كبيرا في محاولة اكتشاف الانسان للانسان. فاختار العلماء رجلا من طينة أحدثت انقلابا في العلم والتقنية، فماذا لو انّهم اختاروا أدمغة أشخاص مثل ستالين أو كيم إيل جونغ أو كاسترو أو أسامة بن لادن أو مايكل جاكسون؟ من دون شك ستكون القراءة مختلفة تماما..‬
وتأتي الخرجة العلمية الجديدة من جامعة نايميغن الهولندية التي أبدى فيها فريق من الباحثين يقودهم بيتر ميدندورب رغبتهم في إجراء دراسة معمقة حول »دماغ« نجم الكرة العالمية الأرجنتيني ليونيل ميسي، وحجته في ذلك »أن البشر، كثيرا، ما يتخذون قرارات غير واعية. وهذا يبدأ باتجاه الجهة التي يكون منصبّا عليها نظره. ويمرّ هذا مع الوقت الذي يكون فيه التركيز مثبّتا على عيني الطرف الآخر، أو المتحدّث، ثم باللحظة التي يرفع فيها النظر، بالنظر من النافذة«. ويوضح الباحث ذلك بقوله »إنّ ميسي يعرف في كلّ مرة أين يتموقع اللاعبون. فالملاحظة تمثّل العنصر الأساس في هذا البحث. أمّا العنصر الثاني فيتعلّق بالقوى المؤثرة على الجسد؛ بمعنى أنه في حالة ميسي، هناك الخصوم الذين يدفعونه، والقوى التي تحرّكه أثناء الجري، سواء في دورانه أو توقفه، إذ أنّه في ذات الوقت يتخذ قرارا بأيّ قدم سيلعب أفضل، ثم كيف يشتغل دماغه أثناء ملامسة الكرة أو طريقة توجيهها..« ومن دون شك، فإنّ دراسة كهذه، إن تمّت، ستفيد كثيرا خصوم ميسي مع برشلونة أو الأرجنتين. ورغم أن النادي الكاتالوني اعترف بتلقيه طلبا علميا للاقتراب من دماغ ميسي، فإنّ الفتى الذهبي لم يعلّق على هذه الشطحة الهولندية، ربّما دماغه في الكلاسيكو القادم، وهو الذي يعترف أنه لم يهتم كثيرا بالدراسة، على غرار أينشتاين.‬
وبلا شكّ فإنّ الباحثين سيلجأون إلى تقنية الصورة ثلاثية الأبعاد التي تعتمد على الرنين المغناطيسي، بما يتيح لهم ولوج عوالم ميسي، الظاهرة التي حيّرت عشاق الكرة‮.‬.. والعلماء.‬
ولا غرابة أن تكون جامعة نايميغن هي السبّاقة إلى الإعداد لدراسة كهذه، فالهولنديون هم الذين أسهموا في صناعة تاريخ نادي برشلونة في العقدين الأخيرين، من خلال كرويف وكومان وريكارد.. فماذا لو طُلِبَ من الباحث ميدندورب توجيه جهوده لمعرفة كيف يشتغل مخّ السياسي المتطرّف فيلترز صاحب فيلم ‮»‬فتنة‮«‬ الذي يصوّر الاسلام دين عنف وإرهاب؟ حينها يدرك أنّ البشر في الغالب يتخذون قرارات واعية تماما..‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.