"نوبل" تنتصر لتاء التأنيث    الوزارة تحذر من الممارسات التي يمكن أن تؤدي إلى إحداث ندرة في الأدوية    أدوية: الوزارة تحذر من الممارسات التي يمكن أن تؤدي إلى إحداث ندرة في الادوية    ازداد السنوار في غيابه حضورا    معرض المنتجات الجزائرية بالدوحة: فرصة لشراكة حقيقية بين البلدين وعلاقات تبادل تجاري بمبدأ رابح-رابح    حوادث المرور: وفاة 46 شخصا وجرح 1608 آخرين خلال أسبوع    سفير جنوب افريقيا: "اللجنة الثنائية ستلتئم نهاية 2024 بالجزائر العاصمة"    وفد من قطاع الطاقة والمناجم في زيارة عمل الى جمهورية التشيك    أمطار رعدية ورياح قوية هذا الثلاثاء على العديد من ولايات الوطن    المؤتمر الأوروبي-الفلسطيني لمناهضة الأبارتهايد والاستعمار يدعو الى إجبار الكيان الصهيوني على وقف عدوانه على غزة    اليوم الوطني للصحافة: أدوار جديدة للإعلام الوطني في ظل ترسانة قانونية قوية    يوم تكويني حول الأحكام الجديدة    انطلاق الدورات التكوينية عن بُعد    أهوال في غزّة    الأمين العام للأمم المتحدة يدين استمرار الخسائر في الأرواح في غزة ويدعو لحماية المدنيين    فلسطين: شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال الصهيوني لقطاع غزة    أساتذة وطلبة يُثمّنون التدابير الرئاسية    بخوش يرافع لمشروع قانون المالية 2025    وزارة السكن تقاضي المُتسبّبين    مُستعدّون للتحرّك من أجل تسقيف الأسعار    السنوار منع أطفاله من التكنولوجيا    نقل 8 مليون مسافر عبر مطارات الجزائر    الرئيس يأمر بإنجاز فيلم الأمير    انطلاق حلقات تحفيظ القرآن    تنسيق بين البورصتين الجزائرية والتونسية    دبلوماسي تونسي يثمّن زيارة النفطي للجزائر    انتصار صعب على "الباك" وتألق القائد ذيب    الحوار الوطني مكسب ضامن للاستقرار    دعوة إلى تقنين التعليم الإلكتروني وتوفير البنية التحتية له    ترقية علاقات التعاون في المجالات الاقتصادية    كشف 18 قنطارا من التوابل الفاسدة    تسليم 25830 بطاقة شفاء للطلبة الجامعيين    تشديد الرقابة على المذابح    إنقاذ 3 متسممين بالغاز    قطار يدهس شابا    تصدير زيت الزيتون الجزائري إلى كوبا وفنزويلا قريبا    تحرّك دولي لوقف نهب ثروات الشعب الصحراوي    أبو الغيط يطالب الكيان الصهيوني بوقف فوري لإطلاق النار    التميّز والجمال عنوان "شظايا من الضفتين"    .. الكثير من الحُبّ والحياة    ألف مشارك في أهم عمل يحتفي بثورة الجزائر    صادي وأعضاء "لوناف" يجتمعون بموتسيبي    بيدرو دياز مدرب إيمان خليف حتى 2028    مختصون في الصحة: الدولة حريصة على تفعيل سياستها الوقائية    تجميد قرار إقصاء الأطباء المستقيلين من مسابقة التخصّص    مختصون: هكذا نجعل للدراسة قيمة في حياة أبنائنا    وزارة الصناعة والانتاج الصيدلاني: اتخاذ عدة اجراءات لضمان وفرة أدوية مرضى السرطان    عميد جامع الجزائر يشرف على انطلاق حلقات تحفيظ القرآن لطلبة المدرسة الوطنية العليا للعلوم الإسلامية    انطلاق التصفيات المحلية    دراجات: تتويج الدراج حمزة ياسين بطلا للدورة الوطنية للدراجات الهوائية بتلمسان    ملاكمة: ايمان خليف تستعرض مشوارها الرياضي وتكشف عن آفاقها المستقبلية    رقم مميّز للخضر    أعلى لاعبي كرة القدم أجرا في العالم    مولودية الجزائر ترتقي إلى الصدارة    الابتلاء من الله تعالى    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دماغ أينشتاين وقدم ميسي..‬
نشر في الشروق اليومي يوم 18 - 01 - 2012

جاء في كتب الأثر أن زرقاء اليمامة، وهي امرأة من جديس »كانت تُبصر الشَعَرةَ البيضاء في اللبن، وتَنْظُر الراكب على مسيرة ثلاثة أيام، وكانت تُنذر قومها إِذا غَزَتهم الجُيوش، فلا يَأتيهم جَيْشٌ إلا وقد استعدُّوا له، حتى احتال لها بعضُ مَن غزاهم، فأمر أصحابَه فقطعوا شجراً وأمْسكوه أمامهم بأيديهم، ونظرت الزَرقاء، فقالت: إنِّي أرى الشجر قد أقبل إليكم؛ قالوا لها: قد خَرِفْت ورَقّ عقلُك وذَهَب بصرُك، فكذَّبوها، وَعند الصباح أغارت عليهم الخيلُ ودمرتهم، وقُتلت الزَّرقاء. فقأوا عَينيها فوجدوا عُروقهما قد غرِقت في الإثمد ‮(‬الكحل‮)‬ من كثرة ما كانت تَكْتحل به‮«‬..‬
امرأة لا هي عرّافة ولا قارئة فنجان، ولا تملك تيليسكوبا يستكشف النجوم عن بعد (...) ترى الشيء عن مسافة ثلاثة أيّام، ليست أسطورة ولا خرافة، فهي مضرب الأمثال اليوم في بُعد النظر وحدّته. فلو أنّها في أيامنا هذه، لما تركت المختبرات جزءا منها إلا بحثته، وأمعنت النبش في تفاصيل ومجاهيل عينيها حتى تعرف السرّ.. ولم يكن سوى مسحوق حجر أسود ‮(‬كحل‮)‬ تدقّه بيديها، وتزيّن به عينيها، فترى ما لا يراه أهل اليمن ونجد والحجاز..‬
في العام 1907 نشرت سبيتزاكا بحثا مفصّلا يتضمّن 137 حالة تتعلّق ب»أدمغة« رجال ونساء ممن كان لهم ولهنّ أثر في مسيرة الإنسانية، مثل الموسيقار باخ والفيلسوف ديكارت.. إذ استهدفت الأبحاث كلّ ما له صلة بالدماغ، وزنه وتجاعيده.. لمحاولة فكّ لغز التفرّد الذي يحوزه هذا العبقري..‬
وزاد الاهتمام بهذه الدراسات المتميّزة جدّا، بعد الحرب العالمية الثانية، حين ازداد التهافت على العقول العلمية، في ألمانيا وأوروبا، والدّفع بها إلى الهجرة نحو أمريكا.. ومثّل أينشتاين العقل الصافي في كلّ هذا، ليس كونه واضع نظرية النسبية E=mc2 وحيازته نوبل للفيزياء وجوائز أخرى فحسب، ولكن للرجل حكمته في حياة مثيرة، وضع فيها أبجدية صنع القنبلة الذرية ثم انقلب على موقفه(...) وأدرك بعد عمر طويل أنّه لن يمانع في أن يأخذ العلماء دماغه بعد موته (1955) ويدرسونه، فلا نسبيّة في العلم(...) وقام فريق من الباحثين بقيادة توماس هارفي أحد علماء الأحياء الأمريكيين بدراسة دماغ الرجل الذي حيّر العالم حيّا وميّتا..‬
كانوا يقرأون دماغ أينشتاين، ويرددون مقولاته الخالدة، مثل »علم بلا دين أعرج، دين بلا علم أعمى..« أو أنّ »الحياة مثل دراجة هوائية، كلّما تقدّمنا أكثر، حافظنا على التوازن«، أو أنّ »مشكلة العالم ليس في القنبلة الذرية، ولكن في قلب الانسان«، أو قوله »التخيّل أهمّ من العلم« أو قوله »لا تُحاولْ أن تكون إنسانا ناجحا، بل كن إنسانا ذا قيمة«، أو قوله »ضع يدك لمدة دقيقة على موقد نار، وستشعر كأنّ المدة تفوق الساعة، واجلس قريبا من امرأة جميلة مدة ساعة، وستشعر كأنك لم تقض سوى دقيقة. تلك هي النسبيّة لمن لم يفهمها«.
لقد شكّلت دراسة دماغ العبقري الذي يعترف أنّه لم ينجح في دراسته إلا بصعوبة بالغة، تحوّلا كبيرا في محاولة اكتشاف الانسان للانسان. فاختار العلماء رجلا من طينة أحدثت انقلابا في العلم والتقنية، فماذا لو انّهم اختاروا أدمغة أشخاص مثل ستالين أو كيم إيل جونغ أو كاسترو أو أسامة بن لادن أو مايكل جاكسون؟ من دون شك ستكون القراءة مختلفة تماما..‬
وتأتي الخرجة العلمية الجديدة من جامعة نايميغن الهولندية التي أبدى فيها فريق من الباحثين يقودهم بيتر ميدندورب رغبتهم في إجراء دراسة معمقة حول »دماغ« نجم الكرة العالمية الأرجنتيني ليونيل ميسي، وحجته في ذلك »أن البشر، كثيرا، ما يتخذون قرارات غير واعية. وهذا يبدأ باتجاه الجهة التي يكون منصبّا عليها نظره. ويمرّ هذا مع الوقت الذي يكون فيه التركيز مثبّتا على عيني الطرف الآخر، أو المتحدّث، ثم باللحظة التي يرفع فيها النظر، بالنظر من النافذة«. ويوضح الباحث ذلك بقوله »إنّ ميسي يعرف في كلّ مرة أين يتموقع اللاعبون. فالملاحظة تمثّل العنصر الأساس في هذا البحث. أمّا العنصر الثاني فيتعلّق بالقوى المؤثرة على الجسد؛ بمعنى أنه في حالة ميسي، هناك الخصوم الذين يدفعونه، والقوى التي تحرّكه أثناء الجري، سواء في دورانه أو توقفه، إذ أنّه في ذات الوقت يتخذ قرارا بأيّ قدم سيلعب أفضل، ثم كيف يشتغل دماغه أثناء ملامسة الكرة أو طريقة توجيهها..« ومن دون شك، فإنّ دراسة كهذه، إن تمّت، ستفيد كثيرا خصوم ميسي مع برشلونة أو الأرجنتين. ورغم أن النادي الكاتالوني اعترف بتلقيه طلبا علميا للاقتراب من دماغ ميسي، فإنّ الفتى الذهبي لم يعلّق على هذه الشطحة الهولندية، ربّما دماغه في الكلاسيكو القادم، وهو الذي يعترف أنه لم يهتم كثيرا بالدراسة، على غرار أينشتاين.‬
وبلا شكّ فإنّ الباحثين سيلجأون إلى تقنية الصورة ثلاثية الأبعاد التي تعتمد على الرنين المغناطيسي، بما يتيح لهم ولوج عوالم ميسي، الظاهرة التي حيّرت عشاق الكرة‮.‬.. والعلماء.‬
ولا غرابة أن تكون جامعة نايميغن هي السبّاقة إلى الإعداد لدراسة كهذه، فالهولنديون هم الذين أسهموا في صناعة تاريخ نادي برشلونة في العقدين الأخيرين، من خلال كرويف وكومان وريكارد.. فماذا لو طُلِبَ من الباحث ميدندورب توجيه جهوده لمعرفة كيف يشتغل مخّ السياسي المتطرّف فيلترز صاحب فيلم ‮»‬فتنة‮«‬ الذي يصوّر الاسلام دين عنف وإرهاب؟ حينها يدرك أنّ البشر في الغالب يتخذون قرارات واعية تماما..‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.