إنضم أول أمس العديد من الجامعيين الفرنسيين لمعسكر المطالبين باعتذار فرنسا عن جرائمها الاستعمارية واعتبروا في ملتقى دولي حول "نكران التاريخ وعمل الذاكرة" أن "الدولة الفرنسية يتعين عليها أن تتحمل مسؤولياتها تجاه الجرائم الاستعمارية التي ارتكبتها" والإنكارات التاريخية الأخرى. وقال السيد آلان بروسة، الأستاذ بجامعة باريس 8، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية "إن قرنين من التاريخ الاستعماري ما زالا مجهولين تماما في تاريخ فرنسا، والدولة الفرنسية يجب عليها تحمل مسؤولياتها بخصوص الجرائم الاستعمارية"، وتساءل بعدها "لقد سوينا المسألة بسهولة مع ألمانيا، فلما لا نسويها مع الجزائر"، واعتبر أن "تسوية الوضعية نهائيا حول مسألة الجرائم الاستعمارية تتطلب اليوم الاعتراف بالمسؤوليات"، وعزف الجامعي الفرنسي خارج سرب وزير الداخلية ومرشّح حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية الذي أعلن من بلد المليون ونصف مليون شهيد أن الأبناء لا يعتذرون على أخطاء آبائهم متجاهلاً مطالبة فرنسا أبناء تركيا بالاعتذار على خطايا آبائهم في إبادتهم المزعومة للأرمن، إذ أضاف الجامعي الفرنسي أن "الدولة الفرنسية يتعين عليها أن تعترف بجرائمها" وأن "تقول الحكومات الحالية أنها خليفة هؤلاء الذين ساهموا في هذه الجرائم، وأن يعترفوا ويتحملوا المسؤولية، وبالتالي القيام بما يلزم لإصلاح هذا"، ورأى نفس المتحدث أن "اعترافا رسميا بالجرائم الاستعمارية هو الوحيد الكفيل بوضع حد للنقاش حول الاستعمار" وبالتالي "فتح الطريق أمام حوار ناجع" مع الشعب الجزائري. أما الجامعية الجزائرية زينب علي بن علي، أستاذة الآداب بجامعة باريس 8، فقد أكدت أن "القتل تم باسم الدولة الفرنسية، وباسمها تم التعذيب والاغتصاب خلال حرب التحرير الوطنية"، وأضافت أن "الدولة الفرنسية يجب عليها أن تعترف رسميا بجميع هذه الجرائم من أجل إغلاق الماضي نهائيا". بينما أعرب السيد بيار بايار، الذي ترأس الملتقى مناصفة مع السيد بروسة، عن دهشته للتباطؤ الفرنسي في الاعتراف بالجرائم الاستعمارية، مشيرا إلى أن الحوار الحالي "يبشر بالخير"، في حين أشار منظمو هذا المنتدى ومجموعة البحث حول العنف الشديد (جامعة باريس 8) ومركز الفلسفة لجامعة طوكيو، إلى أن تحريف التاريخ هذا يتم عبر عدة طرق، لكن أكثرها استعمالا تتمثل في "اختلاق أحداث محرفة تقاس شرعيتها بدرجة المصداقية التي يتحلى بها من سردها"، ويرى المنظمون بمن فيهم الجمعية الدولية للبحث حول الجرائم ضد الإنسانية والمجازر أن "تحريف التاريخ يتم كذلك من خلال محو الآثار والاحتفاظ بالأرشيف أو إتلافه والاستعمال المستمر لعبارات تعريضية وناقصة وغير ملائمة وفرض تدريس التاريخ بطريقة مغرضة وكاذبة ومنع نشر نسخ أكثر مصداقية". ياسين بن لمنور/ الوكالات