استنكرت منظمات حقوقية المجزرة التي ارتكبتها السلطات المغربية في حق العشرات من الصحراويين بمدينة العيون المُحتلة، وأبدت انشغالها من تطوّرات الوضع نحو الأسوء، فيما دعت دول مثل إسبانيا وإيطاليا مجلس الأمن إلى التدخل وتقصي الحقائق، لكن السلطات المغربية تُواصل فرض الحصار على السكان بعد أن قرّرت منع دخول أية وسيلة إعلام إلى المدينة مخافة الكشف عن حقائق لا تخدم نظام المخزن. لم يكن موقف الأممالمتحدة واضحا مما جرى من المجزرة التي ارتكبتها قوات الأمن المغربية في حق الصحراويين بمدينة العيونالمحتلة، حيث اكتفى المتحدث باسم المنظمة الأممية، «مارتن ناسيركي»، بالتعليق قائلا «إن المعلومات المتوفرة لدينا عن أسباب هذه العملية ومستوى استخدام القوة خلالها ورد فعل الموجودين في المخيم وعدد الضحايا بين المتظاهرين وقوات الأمن.. غير واضحة، ولكن ما أثار أسفنا العميق هو وقوع عدد من القتلى والجرحى»،
وفي وقت أكد فيه المتحدث بأن موظفي الأممالمتحدة في الصحراء الغربية يحاولون رسم صورة كاملة عن الوقائع، وكذا توقعه أن يؤثر هذا التصعيد العسكري للقوات المغربية والأحداث التي سبقت الاجتماع غير الرسمي الثالث على المناخ الذي تجري فيه المفاوضات، فإن وكالة الأنباء الليبية «جانا» نقلت بأن الزعيم «معمر القذافي»، باعتباره الرئيس الحالي للقمة العربية، أجرى اتصالات مكثفة مع العاهل المغربي «محمد السادس» من أجل ما أسمته «إيقاف ما يجري في العيون». وكانت أبرز ردود الفعل تلك التي شهدتها بعض المدن الإسبانية بعد تظاهر مئات الأشخاص في عدد من المدن تنديدا بالهجمة العسكرية المغربية على مخيمات النازحين الصحراويين بالعيونالمحتلة، وأبرز هذه المظاهرات تلك التي عرفتها العاصمة مدريد حيث احتشد المئات أمام سفارة المملكة المغربية رافعين فيها لافتات كتب عليها «لا مزيد من أعمال القتل في الصحراء» و«المغرب... إبادة». وتوالت بموجب ذلك الانتقادات إلى «الموقف الغامض» لحكومة رئيس الوزراء الإسباني «خوسيه لويس رودريغاز ثاباتيرو»، وقال النائب الإسباني عن ائتلاف اليسار الموحد بالبرلمان الأوروبي، «وييلي ميير»، أثناء مشاركته في المظاهرة «لا يمكن أن يظل الموقف غامضا مع حدوث تدخل عسكري ضد الشعب الأعزل، ولكن يجب أن يكون هناك موقف رافض»، كما عاشت مدينة أجواء من الغضب. وفي هذه الأثناء طالبت وزيرة الخارجية الإسبانية، «ترينيداد خيمينيث»، مجلس الأمن الدولي بالتدخل إثر أعمال القمع التي وقعت بالعيونالمحتلة، وأوضحت في مؤتمر صحفي عقدته أثناء زيارتها إلى بوليفيا أن «تفكيك الشرطة المغربية للمخيم يمثل قضية ذات أهمية دولية لا يتعين على الحكومة الإسبانية بحثها بشكل ثنائي مع الرباط»، وأشارت إلى أنه «يتعين على مجلس الأمن الذي تتولى بريطانيا رئاسته الدورية التدخل في أقرب وقت ممكن عقب معرفة الأبعاد المختلفة لما حدث». ومن جانبه فإن وزير الخارجية الإيطالي، «فرانكو فراتيني» بالغ القلق إزاء التطورات الأخيرة في العيونالمحتلة، وقال في بيان نشرته وكالة الأنباء الايطالية «إننا نشعر بقلق بالغ للضحايا والإصابات العديدة الناجمة عن الأحداث»، وعبّر عن مشاعر التعاطف لأسر وأقارب الضحايا، ودعا بالمقابل الطرفين إلى مواصلة «المفاوضات البناءة الجارية تحت رعاية الأممالمتحدة لإيجاد حل سلمي للنزاع والحفاظ على الهدوء وضبط النفس لتجنب المواجهات التي من شأنها أن تسبب سقوط مزيد من الضحايا وسفك الدماء». وعلى الصعيد الميداني فإن التصعيد لا يزال متواصلا بالعيونالمحتلة، ولكن اللافت أن السلطات المغربية منعت أمس 12 صحفيا من وسائل إعلام دولية المغادرة من الدارالبيضاء المغربية إلى مكان وقوع الجريمة لتغطية أعمال القمع حسب وكالة الأنباء الإسبانية «أيفي»، ويتعلق الأمر بتسعة مراسلين معتمدين في الرباط لتلفزيون الوطني الإسباني والقناة الإسبانية الثالثة وجريدة «ألموندو» ويومية «إل بريوديكو دي كتالونيا» وصحيفة «إيه بي سي» ووكالة الأنباء الإسبانية وإذاعة «كادينا كوبي»، كما منعت مصور وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية ومراسل راديو «فرانس إنترناسيونال» وصحفي مغربي.