آه يا ذكر الحمام المسكين المضطرب، لكم أشفق عليك؛ وحين أسمع أنينك الحزين، أرثو لك في أسرك، وأغرق في آلامك ناسيةً آلامي. إن رؤيتك وأنت تتأهب كي تطير، وترفرف بجناحيك العاجزين، وترنو الى السماء البعيدة، يذيب قلباً أكثر قسوة من قلبي. لا جدوى، لا جدوى! ليس بمقدورك أن تنهض: فسقف سجنك يقيّدك هناك؛ وأسلاكه الرفيعة تخدع عينيك، وتطفئ لواعج أشواقك باليأس. أوه، أنت خُلقت لتتجول بحرّية في الحقول المشمسة والبساتين الظليلة، ولتطوف فيما وراء البحار المائجة، في الأقاليم النائية، كما يحلو لك! لكن لو كان لك رفيقة واحدة طيّبة تُسَرّي عن قلبك الصغير الكسير، وتشاطرك حالة الأسر لكنتَ سعيداً حتى في ذلك المكان. نعم، حتى في ذلك المكان، لو وقَفَتْ رفيقةٌ واحدةٌ قريبةٌ من قلبك تستمع أليك، حين تحدق في عينيها الواسعتين المشرقتين، فقد تنسى موطنك في الغابة. لكنك، يا ذَكر الحمام المسكين في وحدتك، مكتوب عليك أن تطلق أنينك الكئيب دون أن بسمعك أحد والقلب الذي خلقته الطبيعة من أجل أن يعشق، مكتوب عليه أن يذوي منسيّاً ووحيداً.