أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية، «دحو ولد قابلية»، أن القانون الجديد للانتخابات الذي سيُعرض قريبا للنقاش على البرلمان يتضمن تدابير جديدة للحدّ من «سطوة أصحاب المال» على المواعيد الانتخابية، معلنا عن توسيع قائمة الممنوعين من الترشح لتشمل أيضا رجال الأعمال وذوي النشاطات التجارية والصناعية، كما أفاد أن الإصلاحات السياسية لن تكون فوقية وستتم بإشراك كل الأحزاب والشخصيات الوطنية، مستبعدا اعتماد أحزاب جديدة قبل السداسي الأول من 2012. تحدّث وزير الداخلية والجماعات المحلية الذي كان يتحدّث أمس في حصة «ضيف التحرير»، عن الكثير من القضايا والملفات ذات الصلة بالإصلاحات السياسية التي أثارها رئيس الجمهورية في خطابه الأخير للأمة، حيث اعتبر أنه من الطبيعي أن يكون الظرف الحالي «مواتيا منطقيا» للإعلان عنها من منطلق أن «العهدة الثالثة هي عهدة الإصلاحات»، مذكّرا أن الأولوية كانت في السابق لاستعادة الأمن ثم التنمية الاقتصادية. ومن هذا المنطلق أفاد «دحو ولد قابلية» أن كل الإصلاحات التي تمت في وقت سابق اعتمدت على مبدأ الاستشارة، وأضاف «وحتى الإصلاحات التي ستأتي ستكون محلّ استشارة واسعة لأنها لن تكون فوقية، وإنما ستكون ثمرة كل الاقتراحات والأفكار من الأحزاب والشخصيات والخبراء وممثلي المجتمع المدني»، ولذلك اعتبر أنه من السابق لأوانه الحديث عن التعديلات الدستورية المرتقبة «لا يُمكن الحديث عن الدستور الجديد لكن التعديلات تتجه في الغالب نحو انفتاح أكبر وتكريس دولة القانون وضمان كل الحريات». وبعد أن أكد ثقته في أن يكون الدستور المقبل «عصريا وديمقراطيا يستجيب لطموحات المواطنين»، كان من الطبيعي أن يرفض الوزير الحديث عن طبيعة النظام المنتظر اعتماده عندما سُئل في هذا الموضوع، فاكتفى بالردّ: «أنا لا أستطيع أن أجيب لأن اللجنة الوطنية الموسّعة هي التي ستحدّد الخطوط الموجّهة للدستور الجديد، وبعدها سيطّلع عليها الرئيس ويدرسها ثم يعرضها إما على البرلمان أو على للاستفتاء الشعبي»، وبرأيه فإنه «من السابق لأوانه الخوض في طبيعة النظام الذي سيأتي به الدستور سواء كان رئاسيا أو برلمانيا، ولكن في الأخير سيكون نظاما يختاره الشعب». وفي سياق تعليقه على مطالب أحزاب المعارضة ب«التغيير الجذري والشامل»، قال المتحدّث إنه طيلة فترة تواجده بوزارة الداخلية لم يقف على أي «برنامج بديل» لهذه الأحزاب، مشدّدا من لهجته: «عندما يكون لديها تمثيل مهمّ يُمكن لها الضغط بكل ثقلها في المجالس المنتخبة لتحقيق هذا التغيير، وحين يكون لهذه الأحزاب ثقلها في البرلمان فلها أن تقوم بالتغيير الذي تدعو إليه..»، مثلما أورد أن اتهامات مقرّر مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان حول الحريات في الجزائر «تصريحات لا تلزمنا.. وهي غير لائقة.. ونحن لا نحتاج إلى دروس». وكان البارز في تصريحات وزير الداخلية والجماعات المحلية هو حديثه عن تعديل قانون الانتخابات، وتحديدا مراجعة الشق المتعلق باعتماد شروط ومعايير جديدة للترشح، حيث أفاد أن الاتجاه العام يسير نحو «تحديد التوافق والتعارض في الترشح»، دون أن يتوان في الإعلان عن إجراءات مرتقبة تخصّ الفئات التي ليس لها الحق في الترشح، وقال بصريح العبارة: «من الممكن توسيع القائمة أكثر حتى لا نكتفي فقط بمنع الترشح عن القضاة والموظفين السامين وكذا مصالح الأمن..». وبحسب تفصيل «ولد قابلية» فإن الجديد يكمن في «حظر الترشح على أصحاب بعض النشاطات التجارية والصناعية خاصة الذين لديهم السلطة المالية»، وقد أرجع هذه الخطوة إلى «من منطلق كوننا أمام نظام ديمقراطي وشعبي فإنه من الضروري التأكيد بوجود تعارض بين المال والسلطة». دون أن يستثني تعديل قانون الجمعيات كونه أشار إلى وجود 80 ألف جمعية أغلبها نشاطها محدود، ملتزما بأن «يسمح القانون الجديد بتسيير أكثر شفافية لنشاطات الجمعيات». وعاد ذات المسؤول إلى موضوع اعتماد الأحزاب السياسية، لكن هذه المرة قدّم سقفا زمنيا يقضي بمنح الأولوية لمراجعة قانون الأحزاب ثم إجراء الانتخابات المحلية والتشريعية، معترفا أن قانون 1990 جاء دون تقييم كل العوامل التي انجرّت عنها نتائج سلبية بعد اعتماد 60 حزبا رغم أنها لم تستوف الشروط الضرورية للممارسة الحزبية، وكشف أن حوالي 40 حزبا اختفت لأنه «لم يكن لديها أي تمثيل أو بفعل الانقسامات بين قياداتها». وبعد أن أعطى ضمانات بأن قانون الأحزاب الجديد «سوف لن يكون للتضييق ولكن حتى يكون للأحزاب تمثيل شعبي حقيقي..»، أفاد الوزير أنه يجب أن يكون للأحزاب منخرطون على مستوى غالبية مناطق الوطن وقوانين تضمن الممارسة الديمقراطية مثل عقد جمعيات عامة دورية وقادة منتخبون بطريقة ديمقراطية، واقتراع دوري سري بمحضر قضائي، مؤكدا أن عودة «الفيس» المنحل غير مطروحة للنقاش أساسا لأن «المادة 42 من الدستور تمنع اعتماد أحزاب سياسية تقوم على سند ديني أو لغوي أو طائفي أو جنسي أو جهوي». وفي السياق ذاته دعا وزير الداخلية والجماعات المحلية أصحاب الملفات التي قدّرها ب40 طلب اعتماد إلى مزيد من الصبر بالقول: «المدة المتبقية قصيرة، وهي قبل الانتخابات المقبلة أواخر منتصف السداسي الثاني من العام القادم، وعليه فمن انتظر لسنوات يُمكنه أن ينتظر بضعة أشهر أخرى حتى يُمكن اعتمادها في إطار شروط واضحة وشفافة».