تابع.. لم أقل لها شيئا بعد ذلك غرست لساني ككل مرة في التراب ..ثم أمسكت الحصان و جعلت أجره خلفي من الحبل .. قالت لي : قادر ..خذني إلى جسر القطار لم أرد على طلبها .. توجهت إلى المكان .. تساءلت لماذا هذا الجسر البعيد ..المترامي على قلب وادي بوسلام..بين أشجار الصفصاف و قصب السكر ..فضاء من السحر يرتسم في هذا المكان ..وحده الجنة كان ..ووحده من يبق إلى الآن ينخر عشقي له ..لو بقيت هذه الرجلين لزرته و القلب أحرى بأن يزار، ووضعت عنده إكليل زهور و لكن ما بقي منه شبح للذكرى كلما أنست إليه شوقا .. لم أكن أدرى أنها تريد أن تشرب مني عطر الحب ..يا كرهي و مقتي لك أيتها الذات المتحجرة، أقسم لو أني أعلم متي و كيف اكتبست هذه البلادة و الغلظة ، لانسلخت عنك تماما ..ها أنا لا أتقن سحر هذه الذكريات إلا حين أصبحت جزءا من ذاك الواقع .. حين لم يبق لنا إلا أن نهرب بذواتنا إلى منابت الجمال نشوة و فرحة عارمة ألمت بها حين أخذت تنزل إلى الوادي تحت الجسر و هي تمسك بجذوع أشجار الصفصاف ، تصيح مرة و تنادي علي مرات ..لم أجرأ أن أمسكها من يدها ، خفت أن تشتعل نارا .. أحسَّت أنها تُذهِلُنِي، فأشفقت علي ، بل أشفقت على قحطي و جفافي .. هل تراها أحبتني حقا .. لا ..لا ..لا يمكن لها أن تحبني .. كيف لي أن أحبها .. شرخ و صدمة ..تماما كالشرخ الذي نجرعه اليوم ..وطن كان يُقبِّل الحياة بلهف ..هاهو الآن أنيس الموت..البكاء وحده من بقي يغسل العظام ..ووحده الإشفاق من بقي شماتة الأعداء و الأصدقاء .. قدر العشاق كل مرة نعي الحبيب .. قالت لي تخرجني من حالة الوله .. قادر تعال انزل معي لا تخف ..مابك ؟.. اطمأن قلبي حين رأيت أن كبريائها بدأ يتلاشي بل لم يبق في عينيها كبرياء ...سامحني يا من خلدتك على قلبي المدينة ..هاهي كل الناس تشرب من تمثالك الرهيب ..وحدي أقدر حجمك ..الكل يراك ..و لا يفهم سرك ..وحدى أنا من يملك مفاتيحك أيتها الخالدة في رجل يشبه إلى حد بعيد وجه التاريخ.. كنت شاب ساذجا بسيطا ..لا أفهم جيدا قدري ..بل كنت و فقط أحرص خطاي ..بل أحرص قدري بل لقمة عيشي.. جلست على عتبات الوادي ، نادتني بحنين .. قادر تعال لماذا تبتعد ؟... زادت إلحاحا ..تعال .. دنوت منها فمدت يدها ..أمسكتني أو أمسكتها لم أفهم في هذا الموقف أيُّنا أمسك المهم أن لوني تغير حتي أحسست أني أصعد إلى السماء..و انغلقت الهوة بيننا و تماس جسدانا و شعرت بحرارة رهيبة تنفجر في جسدي ..أشواك عظيمة تخترق جلدي .. نظرت إلي بلطف ..زرعت رأسي في ماء الوادي ..مدت يدها ترفع رأسي ..قالت بعدما وسدت رأسها إلى كتفي قادر اسمع الكل هنا يعشق الآخر ..ماء النهر و صوت العصفور و حركة الأوراق ..كل الطبيعة ترقص على خفقان واحد .. قادر :أتعلم أنا مثل هذا العصفور الذي يتوحد في موسيقاه مع خرير الماء ..أحسست مذ أن رأيتك أني سأكون لك .. قلت لها متحيرا : أنا يا سيدتي وضعت يدها على فمي لا تعد لمثل هذا و لكن لا تزيدني قهرا أتسمي الحب قهرا بالنسبة لي نعم قادر لماذا تحكم على الأشياء في أولها دعنا نسمع إلى موسيقانا بلطف .. قادر ..اسمحلي ..ربما أكون أول فتاة تخاطبك هكذا ..أنا أفهم ..لكن لم أعد أصبر عليك أكثر من هذا .. في هذه اللحظات أقف في هذا المشهد واجما ..لا أتحرك ..لساني أيها الأحمق ..ما أصابك ..لماذا خرست ..لم أعدهك أخرصا .. قادر أريد أن أسكن إلى جسدك، بل أريد أن أحترق فيك.. وجمت كالتافه ..لا تبدو مني غير مشاعري تعصرني من الداخل .. أمسكت وجهي بيدها ..وجهتني إليها...سرحت في ملامحي زمنا ، وهامت في خدودها زمنا تحدثني عن الحب و حده ماء وجهي من يتحدث .. وضعت قبلة رقيقة على خدي .. تتبعت قبلتها بيدي .. صاحت رجولتي تعاتبني ، أهو قهر من نوع آخر ..والدها في المزرعة .و هي في الحب ..تهيج جسدي يفضح صمتي ..صحوت من سباتي بل من ضياعي في هواجس أرقتني ..أسئلة حمقاء تقتلني و أوامر سريعة كالبرق توجهني نحوها ..أمسكتها من قدها و لا أدري ..وضعت على تفاحة فمها أول قبلة ،عقدا للسلم كانت، بداية للوصال ، ثم تلتها قبلة أخرى طويلة ..شددتها جيدا و همت في جسدها أمتصه ، استسلمت بين ذراعي أحركها كما أشاء .. كشفت لي سحرها ،و أريتها عنفواني المدفون ..كانت وفقط تريد مني الحضن الذي فقدته .. بلطف حلت كل أقفال القميص ، سرحت في صدري زمنا ترى طرب الحب هناك ،ويممت وجهي شطر جذعها أروضه تماما كمن يخترع مسافة للسكون.. ولكن سرعان ما انتفضت من هذا الموقف الرّهيب.. لم يتعد الموقف سوى ترويض الجسد.. لقد تعودت هذه المهمة..أروض الجسد لأتركه يتحرر عشقا للحياة، هكذا هي الخيول حين تمشط أجسادها ..تنطلق بقوة نحو الآفاق ..يتبع