قرّرت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية اتخاذ تدابير استعجالية لمواجهة الندرة الحادة في مادة السميد في الأسواق، حيث أبلغت جميع المطاحن بضرورة رفع كميات الإنتاج، وهي المسألة التي توجد قيد التفاوض مع الدواوين المهنية للحبوب على مستوى كل ولايات الوطن، وتأتي هذه التحركات بسبب تزايد المخاوف من تحوّل هذا الملف إلى أزمة حقيقية يصعب التحكم فيها خصوصا في مثل هذا الظرف. أورد وزير الفلاحة والتنمية الريفية، «رشيد بن عيسى»، أن مصالحه اتخذت كافة التدابير اللازمة من أجل مواجهة النقص الحادة في مادة السميد، مطمئنا بأن «تزويد الأسواق يبقى مستمر من أجل تغطية العجز المسجل»، متحدثا في هذا السياق عن ما أسماه «مفاوضات» بين الديوان المهني للحبوب وأصحاب المطاحن من أجل رفع الكميات المسموحة لها، وحسب بعض المؤشرات فإن الكميات التي تسلمتها المطاحن لا تتجاوز 60 بالمائة من احتياجاتها الحقيقية. ولذلك أكد «بن عيسى»، الذي كان يتحدث للصحفيين أمس على هامش ذكرى تأسيس الغرفة الوطنية الفلاحية، أن الكميات التي تستفيد منها المطاحن من الحبوب تتم في إطار تعاقدي «لا يجب الإخلال به»، ويتزامن هذا التصريح مع الاعترافات التي أطلقها وزير التجارة، «مصطفى بن بادة»، قبل أيام والتي أكد فيها أنه من بين الأسباب الرئيسية التي ساهمت في ندرة مادة السميد في الأسواق خصوصا عبر ولايات الشرق هو «تهريبها إلى كل من تونس وليبيا». ويجدر التذكير أن الديوان الجزائري المهني للحبوب، كان قد شرع منذ شهر جانفي الماضي في عملية رفع كميات القمح اللين الموزع على كل المطاحن تطبيقا للإجراءات التي تبنتها الحكومة للحد من أزمة ندرة مادة الفرينة التي كانت شهدتها بعض ولايات الوطن، كما تم بالموازاة مع ذلك رفع حصص المحولين من القمح اللين المدعوم من 50 إلى 60 بالمائة من إجمالي إنتاج كل مطحنة. وفي غضون ذلك تزايدت الشكاوى في الفترة الأخيرة لدى تجار الجملة والتجزئة بالرغم من التصريحات الرسمية المتتالية لمسؤولي وزارتي الفلاحة والتجارة وكذا مسؤولي الديوان الجزائري المهني للحبوب التي تتضمن التأكيد على أن مخزون القمح الصلب كاف لتغطية الاحتياجات الوطنية، وأنه تم رفع كميات القمح اللين الموزع على المطاحن. والغريب في الأمر أنه لم يعد يتوفر سوى نوع واحد فقط من أصل ستة أنواع السميد التي كانت معروضة في السوق، وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار من 1050 دينار إلى 1150 دينار لكيس 25 كلغ، وأرجع بعض التُجار الذين تحدثوا إلينا السبب إلى ما أسموه «لجوء أشخاص ليس لهم أي علاقة بالتجارة إلى شراء هذه المادة من أسواق الجملة والتجزئة على حدّ السواء ثم تهريبها إلى الحدود الشرقية لبيعها». وبالعودة إلى تصريحات «رشيد بن عيسى» فإنه تحدّث كذلك عن نظام الضبط الفلاحي الذي قال إنه سمح بخلق نوع من الاستقرار في عدد كبير من المنتجات الفلاحية على غرار البطاطا واللحوم، إلى جانب توسيعه ليشمل مواد أخرى مثل البصل، مشيرا إلى وجود العديد من المؤشرات التي تؤكد أن «الانطلاقة الحقيقية للقطاع الفلاحي بدأت فعلا»، وذلك من خلال الانتهاء من إعداد النصوص التشريعية التي مكّنت من استحداث مختلف الآليات التي أعطت القطاع الفلاحي بعد التنموي المستدام. وأوضح الوزير فيما يتصل بمهام بالغرف الفلاحية أن «الإطار القانوني الجديد أعطاها دورا فاعلا في مجال التشاور بين الفاعلين في الميدان الفلاحي»، مؤكدا أن هذه الهيئة تمكنت لحد الآن من إحصاء وتسجيل أزيد من 900 ألف فلاح منخرط بها، وخلص إلى أن الدور المقبل يتمثل في مواصلة هذا التنسيق الذي سيشمل أكثر من مليون 840 ألف مستثمرة فلاحية على المستوى الوطني.