من استراليا هذه الدولة القارة تبدأ الرحلة ؛ بمكر ودهاء التجار اليهود وأناقة وحذاقة ثقافته اللندنية قدم أوراق اعتماده في عوالم صاحبة الجلالة ..منذ البداية كان يعرف ماذا يريد؛ بل إنه قال لمجلة التايم العريقة حرفيا..في عيد ميلادي السبعين سأكون قد حققت كل أحلامي. في عيد ميلاد الثمانين تلقى هدية مسمومة ؛ومثلما برع في كسر عظام خصومه عن طريق الكذب والتضليل جاءت الضربة هذه المرة من نيران صديقة..صحيفة «الغارديان» تفجر فضيحة تنصت بطلاها مخبران يعملان في إحدى صحف «مردوخ» والضحية فتاة مراهقة قتلت لاحقا في جريمة غامضة..كانت هذه مجرد البداية؛ وجاء الفيض الذي اغرق بيوت ومؤسسات لندن الهادئة..الجميع كان ضحية تنصت مردوخ ؛ من الأعداء إلى الأصدقاء.. فنانون ، إعلاميون..رجال مال وسياسة..حتى «غوردن براون» والأمير «تشارلز» لم يسلما من التجسس..وما خفي كان أعظم . طوال عقود، اعتاد روبرت مردوخ، إمبراطور الإعلام الأسترالي، أن يكون مسيطراً على مجريات الأمور حوله..السياسيون في بريطانيا، بدءاً «بمارغريت ثاتشر»رئيسة الوزراء السابقة، يتوددون إليه خوفاً من الدعاية السلبية التي قد تنشرها صحفه عنهم؛ من أستراليا حيث يسيطر على 70 في المائة من الإعلام، إلى الولاياتالمتحدة وبريطانيا، يحسب السياسيون أف حساب لتأثير إمبراطوريته على مستقبلهم وطموحهم السياسي، وإن بدرجات متفاوتة. ولكن مع بلوغ الرجل عامه الثمانين، يبدو أن الأمور بدأت تتغير حوله، فضيحة تنصت تفجرت منذ سنوات في بريطانيا، ووصلت إلى ذروتها قبل أسابيع، بدأت تخرج عن سيطرته، وتكبر يوماً بعد يوم. في البداية، كلفته صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، وهي تابلويد كانت تصدر كل يوم أحد، ومن أكثر صحف الأحد مبيعاً. والآن، يبدو أنها كلفته شبكة «بي سكاي بي» التلفزيونية التي كان يطمح للسيطرة عليها بالكامل، علماً بأنه يملك 39 في المائة من أسهمها، فقد أعلن قبل أيام أنه تراجع عن نيته بشراء الشبكة بعد ضغوط من البرلمان البريطاني والسياسيين لحث الحكومة على وقف عملية الشراء. خلال أيام قليلة، تطورت كثيراً فضيحة التنصت التي كان يقوم بها صحافيون في صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» البريطانية، والتي بدأت تتكشف على أنها تنصت على هواتف السياسيين والمشاهير، ولكن تطورت لتطال عامة الناس.. مع أخبار بأن صحافيين في صحف أخرى، وتلفزيونات وإذاعات تابعة لمردوخ، تورطوا في الأسلوب نفسه. من بين المستهدفين «غوردون براون» رئيس وزراء بريطانيا السابق، والأمير البريطاني «تشارلز» وزوجته كاميلا. ولكن ما أثار موجة الاستياء العارمة، الكشف عن أن التنصت حصل أيضاً على هواتف أقرباء جنود بريطانيين قتلوا في العراق. هرع مردوخ بسرعة إلى لندن ليحاول إدارة الكارثة شخصياً ما أصبحت واحدة من أخطر الأزمات في تاريخ واحدة من كبرى المؤسسات الإعلامية في العالم، التي تملك شبكة من الصحف، واستوديوهات السينما ومحطات التلفزيون، بما في ذلك «شبكة فوكس نيوز»، وهي من أهم شبكات التلفزيون في الولاياتالمتحدة. وكان مردوخ أمر بإغلاق نهائي لصحيفته «نيوز أوف ذي وورلد» بعد أن كانت تصدر منذ 168 عاماً. في بداية الفضيحة، كان يعتقد أنها مقصورة على شرطة تسلمت رشاوى من صحافيين، وعلى قرصنة لجمع صوت رسائل سياسيين ونجوم رياضة وتلفزيون وسينما. لكن، تحولت إلى أزمة واسعة النطاق، وسط الكشف عن أن التنصت استهدف أيضاً مواطنين بريطانيين وأمريكيين عاديين من ضحايا 11 سبتمبر. واقترح نائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليغ، الاثنين الماضي، أن إيقاف صحيفة واحدة لن يكون كافياً. ودعا إلى وقف محاولة مردوخ ليدفع 12 مليار دولار ليقدر على السيطرة الكاملة على «بريتش سكاي برودكاستنغ» (بي إس بي)، شبكة الأقمار الفضائية الأكثر ربحاً في بريطانيا، والتي يملك مردوخ نسبة 39 في المائة منها. وأيضاً، يتوقع أن تعرقل الفضيحة خطط مردوخ لتعزيز موقفه كصوت محافظ في بريطانيا والولاياتالمتحدة وأستراليا. في كل هذه البلاد ظل يعمل على كسب السياسيين المحافظين، ثم لزيادة شركاته ونفوذه في كل بلد.