بعد قرابة عشر سنوات من الانتظار، يُعطي اليوم رئيس الجمهورية «عبد العزيز بوتفليقة» رسميا إشارة انطلاق أشغال إنجاز «جامع الجزائر الكبير» من خلال إشرافه شخصيا على وضع الحجر الأساس لهذا الصرح الديني والثقافي الضخم الذي أسندت مهمة إنجازه إلى الشركة الصينية «تشاينا ستايت كونستراكشن» بتكلفة إجمالية تتجاوز 109 مليار دينار، ما يعادل 1.4 مليار دولار، في آجال لا تتعدّى 48 شهرا. تأتي محطة وضع إنجاز حجر الأساس لانطلاق أشغال إنجاز «جامع الجزائر الكبير» الذي أعاد الرئيس «بوتفليقة» إحياءه من جديد بداية العشرية الماضية، لتأكيد الحرص الكبير والاهتمام البالغ الذي يوليه القاضي الأول في البلاد لهذا الصرح غير المسبوق في بلادنا، وتُعتبر هذه الخرجة في الواقع واحدة من بين عدد من المحطات التي سيقف عندها رئيس الجمهورية اليوم في هذه الذكرى التاريخية المتزامنة مع عشية إحياء الذكرى السابعة والخمسين لاندلاع الثورة. واللافت في هذا الملف أن رئيس الدولة تابع كل كبيرة وصغيرة متعلقة بالمشروع الذي تسرّبت حوله بعض الإشاعات العام الماضي تشير إلى أنه لم يعد يشكّل أولوية. وأكثر من ذلك فإنه أشرف شخصيا على اختيار التصميم الخاص بالجامع إثر ملاحظات قدّمها في الكثير من المناسبات إلى مسؤولي الوكالة المكلّفة بتسييره، وكان آخرها موافقته يوم 18 من شهر أكتوبر على شكل المجسّم النهائي عندما ترأس ب «قصر الشعب» حفل عرض مشروع «جامع الجزائر الكبير». وكما هو معلوم، فإن هذا المشروع الذي انطلقت أشغال تهيئة أرضيته في 2008، يتربّع على موقع يمتد على 20 هكتارا مع مساحة إجمالية تعادل 400 ألف متر مربع، وهو يضم 12 بناية منفصلة. وسيتوفر هذا الصرح الحضاري العملاق على قاعة للصلاة تصل مساحتها الهكتارين كما أنها تسع لحوالي 120 ألف مصل، إضافة إلى «دار القرآن» التي ستكون مخصصة لفائدة الطلبة في مرحلة ما بعد التدرج، ومعهما «مركز ثقافي إسلامي». إلى جانب ذلك يحتوي المشروع على مكتبة تسع لأكثر من 2000 مقعد وتستوعب مليون كتاب وقاعة للمحاضرات ومتحف للتاريخ ومراكز بحث في الميادين التاريخية والعلمية ومراكز بحث في تاريخ الجزائر. كما يتضمن قاعات مزودة بوسائل متعددة الوسائط وأجنحة إدارية فضلا عن حظيرة للسيارات تتسع لأكثر من 6 آلاف مكان ومساحات خضراء ومحلات تجارية، وقد أوكلت الدراسة الخاصة بإنجاز في 2008 إلى مجموعة ألمانية تتمتع بالخبرة والمهارة الضروريتين. وفي السياق ذاته كانت وزارة الشؤون الدينية قد أعلنت عن قرار المنح المؤقت لصفقة إنجاز «جامع الجزائر الكبير» إلى الشركة الصينية «تشاينا ستايت كونستراكشن» بقيمة مالية تقدّر ب 109 مليار و51 مليون و415 ألف و746 دينار جزائري، أي ما يقارب 1.4 مليار دولار، وقد حصلت هذه الشركة المتخصصة أصلا في البناء على نقطة 88.20 من طرف اللجنة، على أن يتم الإنجاز النهائي لهذا المشروع في فترة زمنية لا تتعدّى 48 شهرا. وأبلغ نصّ الإعلان عن منح صفقة إنجاز «جامع الجزائر» الصادر يوم 17 أكتوبر 2011، المؤسّسات المترشحة التي تريد الاحتجاج على هذا الاختيار بأنه بإمكانها أن تقدّم طعنا لدى اللجنة الوطنية للصفقات الوطنية الكائن مقرّها بوزارة المالية في مدة أقصاها عشرة أيام ابتداء من تاريخ صدور الإعلان، وهو ما تستند عليه المادة 101 من المرسوم الرئاسي 02-250 الصادر بتاريخ 24 جويلية 2002 المتضمن الصفقات العمومية المعدّل والمتمّم. وبالفعل فإن مجمع مؤسسات إسبانية-جزائرية تضمّ شركة «كوسيدار» و«حدّاد» عن الجانب الجزائر، تقدّم رسميا بطعن يذكر فيه لجنة الصفقات بالتعديلات الواردة في قانون الصفقات العمومية الذي يمنح الأولوية للشركات الوطنية في إنجاز المشاريع الكبرى، لكن وزارة المالية رفضت الطعن وأبقت مسؤولية الإنجاز للشريك الصيني الذي قدّم أحسن عرض من حيث الغلاف المالي ومدة الإنجاز.