وضع رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، رسميا أمس حجر أساس انطلاق أشغال بناء »الجامع الكبير«، على أن تشرع الوكالة الوطنية لإنجاز المسجد وتسييره خلال الأيام القليلة المقبلة في مفاوضات مع ممثلي الشركة الصينية »تشاينا ستايت كونستراكشن« من أجل الاتفاق على كافة جوانب تشييد هذا الصرح المعماري الديني والثقافي الضخم، حيث تريد الحكومة استكمال الأشغال في أقل من 48 شهرا. حرص رئيس الجمهورية على أن يكون حاضرا أمس للإشراف شخصيا على وضع الحجر الأساس الخاص بإنجاز »جامع الجزائر الكبير«، وكانت مدينة المحمدية أمس واحدة من ضمن المحطات التي توقف عندها في زيارته الميدانية إلى عدد من النقاط بالعاصمة. وعلى الرغم من أن المناسبة مرّت من دون أن يُعطي بوتفليقة توجيهاته المعهودة في مثل هذه المواعيد إلا أنه شوهد يتبادل أطراف الحديث مع وزير الشؤون الدينية والأوقاف لدى متابعته عرضا بالفيديو بعين المكان حول هذا المشروع. وباستثناء عرض قدّمه مدير الوكالة الوطنية لإنجاز جامع الجزائر وتسييره عاد فيه إلى مختلف الجوانب الهندسية المتعلقة بالمشروع ومكوّناته، لم تدم زيارة رئيس الدولة إلى عين المكان أكثر من 20 دقيقة، وقد حضر هذه المناسبة عدد من ممثلي السلك الدبلوماسي في الجزائر ويتعلق بكل من سفيرة كندا بالنظر إلى أن مهمة مراقبة إنجاز الجامع أسندت إلى مكتب دراسات كندي، إضافة إلى حضور ممثلة عن السفارة الصينية كون أشغال البناء أوكلت إلى شركة »تشاينا ستايت كونستراكشن«، وممثلين عن السفارة الألمانية التي قامت شركة تابعة لها بإعداد الدراسة الخاصة بالإنجاز. وحسب ما أفاد به مدير الوكالة، محمد لخضر علوي، في عرضه أمام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فإن الأخير »أحسن اختيار أرضية الإنجاز« المتواجدة على مستوى بلدية المحمدية، مبرّرا ذلك بأنها تطل على الواجهة البحرية، زيادة على أنها تتوسط خليج العاصمة، وبالتالي فإن بناء الجامع سهل من هذا الجانب لأن الأرضية متوجهة مباشرة نحو القبلة )مكة(، لافتا إلى أن قاعدة المشروع ترتفع ب 6 أمتار عن سطح البحر ليتم استغلالها لإنجاز المرآب وعدد من المرافق التقنية الأخرى، فيما ترتفع أعلى نقطة ب 22 مترا. وأضاف علوي ردّا على استفسارات الصحفيين بشأن موعد الانطلاق الرسمي لأشغال الإنجاز بعد وضع حجر الأساس، بأن الأمر مرتبط أساسا بنتائج المفاوضات التي سيتم الشروع فيها خلال الأيام القليلة المقبلة مع ممثلي الشركة الصينية، مؤكدا في هذا السياق أن كل التفاصيل الخاصة بالصفقة ستتضح قريبا، كما اعترف بأن الجزائر تريد أن يستكمل الصينيون الأشغال قبل فترة أربعة أعوام التي جاءت في العرض المقدّم وبأقل تكلفة. وأشار المتحدث إلى أن ما ورد في الصفقة من عرض »تشاينا ستايت كونستراكشن« لا يعدو أن يكون مجرّد اقتراحات أوّلية، وتابع: »أما خلال المفاوضات فإننا سنتفق على كافة التفاصيل بما في ذلك إبداء رغبتنا في أن تكون تكلفة الإنجاز أقل من تلك التي تضمّنها قرار منح المناقصة«. مع العلم أن تكلفة الإنجاز تقدّر ب 109 مليار و51 مليون و415 ألف و746 دينار جزائري، أي ما يقارب 1.4 مليار دولار، على أن يتم استكمال الأشغال في فترة زمنية لا تتعدّى 48 شهرا. واستنادا إلى البطاقة الفنية المتعلقة بإنجاز هذا المشروع الذي وصفه محمد لخضر علوي ب »لعظيم«، فإن أشغال إنجازه ستساهم في توفير 3765 منصب شغل مباشر خاص بالمؤسسات، أما عدد المناصب التي ستنجرّ عن المشروع بعد تسليمه، أي في مرحلة التسيير، فتصل إجمالا إلى 1530 منصب تتوزّع على 200 بالنسبة لمكتب الجامع، 100 للمركز الثقافي، 150 عامل في »دار القرآن«، 250 عامل للمسجد، و100 للمرآب، و380 منصب بالنسبة إلى المنارة. وقد انطلقت أشغال تهيئة أرضية »جامع الجزائر الكبير« في 2008، وهو يتربّع على موقع يمتد على 20 هكتارا مع مساحة إجمالية تعادل 400 ألف متر مربع، وهو يضم 12 بناية منفصلة. وسيتوفر هذا الصرح على قاعة للصلاة تصل مساحتها الهكتارين وتسع حوالي 120 ألف مصلّ، إضافة إلى »دار القرآن« ستكون مخصصة لفائدة الطلبة في مرحلة ما بعد التدرج، ومعهما »مركز ثقافي إسلامي« ومنارة من 15 طابقا. إلى جانب ذلك يحتوي المشروع على مكتبة تسع لأكثر من 2000 مقعد وتستوعب مليون كتاب وقاعة للمحاضرات ومتحف للتاريخ ومراكز بحث في الميادين التاريخية والعلمية ومراكز بحث في تاريخ الجزائر. كما يتضمن قاعات مزودة بوسائل متعددة الوسائط وأجنحة إدارية فضلا عن حظيرة للسيارات تتسع لأكثر من 6 آلاف مكان ومساحات خضراء ومحلات تجارية، وقد أوكلت الدراسة الخاصة بإنجاز في 2008 إلى مجموعة ألمانية تتمتع بالخبرة والمهارة.