بقلم: غادة مخّول صليبا/ لبنان تحضرُ إليكَ السعادة مع لحظة الموت، وتخاطبكَ بلغة الحنين، وترى السماء بلون تلك الزنبقة التي نَمَت في حديقتكَ خلف السور الشائك الذي يفصلكَ عنه جسدكَ هنا، ورائحة الرغيف الحنطيّ هناك. تُعانقكَ بداية القصيدة لثورة الأرض نحو السديم، لتبشّر برايات فوق أنقاض حجارة تكوّنت من زلزال الفداء. هجرتَ شوق حبيبتكَ وجعلتَ قلبكَ وطناً لتسكنَ فيه وتتجوّل الغربة في أرجائكَ ووحدتكَ المهجورة من نسيم البحر. وجع الوجود لا يفارق رؤيتكَ لقصة شعبٍ مغلوب على أمره ويعبُر بين الألغام الممتدة في أرضه المعذبة وصولاً لمعتقل إبادته النفسية. تدركُ بأنكَ ولدتَ حراً وما زلتَ متحرراً من آثار تعذيب واهية وقاتمة. تقطفُ الزهور اليابسة بين السياج وباب الزنزانة وترسلها كرسائل عطر مع اليمام إلى صمود محارب له عمر بعمر الربيع القادم. شجاعتكَ على جبهتكَ هي بحجم البطولة وظّل شجرة السنديان، برقة أغنية لفيروز ولذّة طعم قهوتكَ وأنت تطلُ على شرفة بيتكَ وفي ذاكرتكَ درب الدماء وصوت ألف طلقة رصاص وصرخة طفل. ملحمتكَ هي الحلمُ الذي لن ينضب. حدودكَ مرّت من هنا، من غير جواز سفر وحقيبة وهويّة نضال لأجل وطن يحتضر. جميلة كانت تلك الرسالة التي كَتبتَ فيها: أنا آسف، لن أعود، إلا ومعي انتصار الأرض لدمائها. لكنهم، لن يصدقوا كلامكَ المجرّد، فيجب عليكَ أن تغمره بدم ساخن ليحرقهم. قِف، وسلّم بندقيتكَ لأكللكَ بغار المجد. خذني معكَ إلى منفاكَ، فمعتقلي هو وطني وأنتَ الجذور لأرضي. سأحملكَ على كفيّ ودمعي مشوباً برهبة الموت، بين هواء العمر وهواء المنفى. المطرُ شديد في الخارج، ونافذة السجن تشبه عينيه المسافرتين إلى القمر الحزين. ..المعذرة منكَ يا وطني، أنا الجراحُ وهذا ولدي. * شارك: * Email * Print