توصلت نقابة مركب "أرسيلور ميتال" للحديد والصلب بعنابة إلى اتفاق نهائي مع الإدارة يتمّ بموجبه إقرار زيادات إجمالية في الأجور بنسبة 16 بالمائة ستُطبّق عبر مراحل تكون بدايتها بزيادة قيمتها 10 بالمائة بأثر رجعي ابتداء من شهر أوت الماضي، تليها زيادتان متتاليتان ب 6 بالمائة خلال العامين المقبلين. كشف مصدر نقابي من مركب الحديد والصلب "أرسيلور ميتال" بالحجار أنه تقرّر إلغاء الإضراب المفتوح الذي كانت النقابة قد دعت إليه ابتداء من 11 من شهر سبتمبر الجاري بعد الخطوة التي اتخذتها الإدارة بالاستجابة إلى مطالب العمال المتمثلة في رفع الأجور بنسبة لا تقل عن 10 بالمئة، وذكر المصدر ل "الأيام" أن اتفاقا أبرم بين الطرفين في اجتماع مساء الثلاثاء يقضي بتلبية انشغالات الطبقة الشغيلة التي طرحتها نقابة المركب. وبحسب الاتفاق الذي تقرّر بين النقابة والإدارة فإن العمال سيستفيدون من زيادة مبدئية في الأجور تقدّر ب 10 بالمئة يتم دفعها بأثر رجعي اعتبارا من شهر أوت المنقضي، ثم تليها زيادة ثانية بنسبة 3 بالمئة ابتداء من شهر جويلية من العام المقبل، كما نصّ الالتزام كذلك على زيادة ثالثة أيضا ب 3 بالمئة بدءا من شهر جويلية 2015، وهي الصيغة التي أرضت على ما يبدو ممثلي العمال رغم أنهم رفضوها في بداية الأمر وفق ما تسرّب من معلومات عن اجتماع مساء الثلاثاء. وتأتي هذه التطورات الإيجابية بعد أقل من يوم من مصادقة أزيد من 4 آلاف عامل بمركب الحجار على قرار للدخول في الإضراب العام والمفتوح ابتداء من الأربعاء المقبل، حيث كانت النقابة أعلنت تمسّكها بمطلب الزيادة في الأجور لا تقل قيمتها عن 25 بالمئة مع اشتراط تسوية ملف العلاوات والمنح. لكن المعلومات المتوفرة لدى "الأيام" تؤكد أن نقابة "أرسيلور ميتال" والإدارة وقّعتا أمس ما أسمي ب "عقد الاستقرار" الذي يمثّل التزاما من الجانبين بتنفيذ تعهّداتهما، فالإدارة من جهة تباشر تنفيذ الزيادات المتفق عليها في حين يلتزم الشريك الاجتماعي بعدم شنّ أي حركة احتجاجية قد تعطّل الوحدات الإنتاجية للمركب. وفي سياق متصل أفادت مصادر مسؤولة أن الوزير الأوّل، عبد المالك سلال، سيُعلن رسميا عن تأميم غالبية أسهم مركب "أرسيلور ميتال" عنابة خلال اجتماع الثلاثية الاقتصادية الموسع المقرر خلال الشهر الجاري، وهو الاجتماع الذي من المتوقع أن تعلن فيه الحكومة أمام الشركاء الاجتماعيين عن إجراءات جديدة لتفعيل المؤسسات الوطنية وترقية الصناعة في البلاد. وأوردت المصادر التي تحدّثت إلينا أن ملف مركب "أرسيلور ميتال" جاهز وينتظر فقط التنفيذ ليحوز مجمّع "سيدار" على نسبة 46 بالمئة من الأسهم و5 بالمئة لصالح الصندوق الوطني للاستثمار، لتبقى نسبة 49 بالمئة للمتعامل الهندي. ومعلوم أن قرار استعادة غالبية حصة مركب الحجار للحديد والصلب جاء بناء على تقييم موضوعي لما آلت إليه الأوضاع منذ استلامه من طرف الشريك الهندي "أرسيلور ميتال" في العام 2001 بنسبة أسهم قدرها 70 بالمائة، واعتبر مصدر نقابي أن "الحكومة اتخذت القرار المناسب في الوقت المناسب"، ليوضح في هذا السياق: "هذا القرار تجسيد لمطلب القاعدة العمالية، مثلما جاء لإعادة الاعتبار لدور الدولة في فرض الرقابة على المركب بعدما كانت في السنوات الماضية مجرّد ملاحظ لا يحق له حتى الاعتراض على كل ما له صلة بالتسيير". وكان القيادي في الاتحاد العام للعمال الجزائريين إسماعيل قوادرية الذي كان أيضا على رأس نقابة مركب الحجار، أكد في وقت سابق ل "الأيام" أن مركب الحديد والصلب كان ينتج قبل 2001 ما يزيد عن 1 مليون طن من الحديد سنويا ليتراجع الآن إلى حوالي 600 ألف طن سنويا، أي ما يمثل خسارة ب 50 بالمائة، وهو ما ينطبق كذلك على مستوى اليد العاملة التي كان يشغّلها فبعدما كانت في حدود 11 ألف و200 عامل تدحرجت بدورها إلى النصف. ولفت قوادرية إلى أنه فوق كل هذا "الجزائر لجأت إلى استيراد ما قيمته 10 مليار دولار من الحديد"، وهو ما دفعه إلى الاستنتاج بأنه "بعد 12 عاما من الخوصصة تأكد إثر تقييم لكل الجوانب بأن هذه الخوصصة كانت فاشلة واليوم إعادة تأميم المركب من طرف الدولة هو أحسن وسيلة لإعادة الاعتبار له".