قال الكاتب الصحفي ديفيد كينير، في تحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استطاع تحويل موسكو إلى قوة داخل الشرق الأوسط من خلال مزيج من المكر والدين وتعثر نظيره الأمريكي باراك أوباما الذي أعطى له فرصة كبيرة لإزاحته بعيداً. وأشار الكاتب إلى أن بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف يحتفلون بنهاية أفضل أسبوع لهم في الشرق الأوسط منذ عامين ونصف. فبدلاً من أن يتم رفضهم بوصفهم أنصار الطغاة الأكثر وحشية في المنطقة، يجري وصفهم برجال الدولة. ويرى كينير أن الأسباب المباشرة لهذا التغيير، تكمن في اقتراح الوساطة الذي من شأنه أن يدفع الأسد للتخلي عن الأسلحة الكيميائية. لكن بشكل عام فإن موسكو استطاعت بناء الدعم بهدوء من القاهرة إلى بيروت وصولا لدمشق. فعلى صعيد سوريا والضربة الأمريكية التي كانت على وشك الحدوث، فإن بوتين استطاع حماية الأسد من ضربة عسكرية أمريكية، وقدم نفسه على أنه الشخص الوحيد على الساحة الدولية الذي استطاع تحقيق انفراجة للأزمة المستعصية في المنطقة، مضيفاً أن بوتين تمت مساعداته من قبل تعثر أوباما، حيث يرى المراقبون فى موسكو أن أوباما حصر نفسه فى الالتزام بتوجيه ضربة عسكرية لا يرغب فيها الكونجرس ولا الرأي العالم الأمريكى، مما أعطى بوتين فرصة حقيقية لايجاد الحل. يقول فيودور لوكانوف، رئيس تحرير مجلة "روسيا للشؤون العالمية": "لدينا رئيس أمريكي ينطق بكلمات قوية، لكن وجهه يقول، ماذا عساي أن أفعل؟. وأضاف أن النجاح الروسي في المنطقة سيكون في المقام الأول مظهر من مظاهر الفشل الغربي. وأوضح أنه في الوقت الذي كانت تتهم فيه الحكومة الانتقالية في مصر واشنطن بالتعاطف مع الإخوان المسلمين، بدأ البعض في مصر يرى بوتين كموازن دبلوماسي محتمل للولايات المتحدة. وفي لبنان، بنت روسيا علاقات إستراتيجية مع طائفة الروم الأرثوذكس، التي تحتفظ بعلاقات مع الكنيسة الأرثوذكسية الروسية. وقال الكاتب إن مايسمى الربيع العربي كان يمثل صداعاً منذ فترة طويلة من وجهة نظر الكرملين، فروسيا واجهت هجوماً عنيفاً في جميع أنحاء الشرق الأوسط. كما أنها لم تكن قادرة على وقف تدخل حلف شمال الأطلسي الذي أطاح بالرئيس السابق لليبيا معمر القذافي عام 2011. وأضاف أنها ليست سوريا فقط هى من استفادت منها روسيا من الغضب تجاه الولاياتالمتحدة، ففى مصر، حيث اتهمت الحكومة المؤقتة المدعومة من الجيش واشنطن بالتعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين، كما أشاد بعض المتظاهرين بالرئيس الروسي كقوى محتملة أمام الولاياتالمتحدة، وظهر بعض المتظاهرين يرفعون صور لبوتين بجانب الفريق عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة، وتحمل عبارات "باى باى أمريكا". وفي لبنان، استطاعت روسيا بناء علاقات قوية مع طائفة الروم الأرثوذوكسية في البلاد والتي تربطها علاقات بالكنيسة الأرثوذوكسية. ويحرص ألكسندر زاسبكين، السفير الروسي لدى لبنان على حضور الاجتماعات السياسية والدينية للروم الأرثوذوكس بانتظام مؤكداً على قوة العلاقة التي تربطهم. واختتم كينير تحليله بالقول إن الشأن السوري هو الذي سيبني طموحات روسيا في الشرق الأوسط، فقد منحت المبادرة الروسية أوباما فرصة عظيمة لتجنب الضربة العسكرية وتمسكت بها الدول الغربية كذلك للخروج من الأزمة.