التصرف المستهجن الذي قامت به قيادة حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، عندما أنزلت العلم الوطني من على مقرات الحزب ووضعت مكانه راية سوداء، يعكس الانحدار الخطير في مستوى هذه القيادة اليائسة التي خسرت كل مواقعها على الساحة السياسية. يبدو أن «سعيد سعدي» يبحث الآن عن الإثارة، فهو يمارس المسرح بعد أن عجز عن ممارسة السياسة الحقيقية، والتهريج الذي يقوم به الآن قد يتصاعد مع اقتراب يوم الانتخاب، غير أن الإقدام على إنزال الراية الوطنية يعتبر خطيئة لا تغتفر، أما الراية السوداء التي رُفعت "حدادا على الديمقراطية" فهي في الأصل حداد على "الأرسيدي" الذي تصرّف فيه «سعيد سعدي» كملكية شخصية فقرر أن يجمّده دون استشارة المناضلين ودون تقديم أي مبرر مقنع. "الأرسيدي" عاجز عن النزول إلى الساحة وإقناع المواطنين بخياراته السياسية، وهو الآن لا يجد سوى الدعوة إلى المقاطعة، ووصل به الأمر إلى التهجم حتى على الأحزاب التي تمارس المقاطعة النشيطة مثل الأفافاس، وهو ما جعله معزولا تماما، فلا هو في صف المعارضة التي شاركت في الانتخابات ولا في صف المعارضة التي قاطعت. التجرؤ على الراية الوطنية يؤكد التصرفات اللامسؤولة لقيادة "الأرسيدي"، فخلال السنة الماضية باشر «سعدي» جولات أوروبية وأمريكية دعا من خلالها إلى تدخل أجنبي صريح في الشأن الداخلي الجزائري، وأساء بشكل مباشر للجزائر من خلال وسائل الإعلام الأجنبية التي استضافته، وكانت آخر موبقاته هي ما قاله عن الانتخابات على مائدة غداء دعاه إليها السفير التشيكي في الجزائر وحضرها سفراء دول الاتحاد الأوربي. لا يمكن أبدا أن تتحول المعارضة إلى إساءة لرموز الدولة الجزائرية، ولن يسمح الجزائريون بتحويل مقاطعة الانتخابات إلى مبرر لدعوة الأجانب للتدخل في الشأن الوطني أو المساس بالسيادة التي كان ثمنها غاليا جدا، والذين اختاروا طريق التهريج سيعزلون نهائيا وسيلفظهم المجتمع بعد أن ثبت أن ولاءهم ليس لهذا الوطن ولا لشعبه.