عانقت الجدة قمر الواحات حين أضاء النخيل النائم، تنهدت من أعماقها مع عبق الورد الشامي، ترسم أشكالا ساعة قيلولتها تعلم أن الأمر سينتهي، رغم الشتاء القارس تستنشق رائحة التراب المضمخ بعطر الورد، تتوق أن تتبصر في ذاتها، وترحل بأفكارها لتتخلص من توتر شديد، كانت على ثقة أن الصقيع سيتلاشى لا محال ومن العار أن تغتال (عشتار). تلاشت الأضواء بين أشجار النخيل الثكل فقالت: - لم يكن الأمر مصادفة. تهادى صوتها فوق الفرات الغاضب، نظر إليها عن كثب، كان يدرك أنه لم يفت الأوان، أخذته الرغبة أن يطمئنها لأنه يرفض وجود الغرباء: - آه.. "لو كنت يا جدتي.. بمستوى جنوني". اخترقت جدار الصمت، علها تتحرر من الألم، تعلمت من مدرسة الحياة، أحبت قمر الواحات، أوغلت في ضحك جنوني علها تجاري نزارا وسألت نفسها: "كيف أأبوح بجنوني وآلهة الطحلب تتربع على عروش وثيرة والخصي في مأمن؟.". ثمة ريح عاتية جاءت من خلف محطات الرعب، تسد طرقات تودي إلى معابد الفينيق، تخيلت وجوههم في عتمة ليل طويل، سرحت في صدى الفرات، تدرك أنه أكبر من خميس، وأسرع من العقبان يطلب قمر الواحات، فيمم وجهه صوب معبد (عشتار) قبل فوات الأوان، حاول أن يحرر للإهات الجريئات: - العشق مباح لهن. خرجت آلهة العصر من الغموض يهيئون أنفسهم لإضرام النار في مطابخهم ليغدقوا عليهم الولائم دون أن يعتريهم الخذي، وفي الواحات يسود الموت، وما فتئت آلهة الجحيم تصب حمم غضبها على الفرات ومعبد (عشتار) أمَ الشهب فأقبلت من عمق (بابل) لتوقع الرعب في قلوب ديناصورات العصر، فالعشق مباح للأمً العظمية التي زرعت أشجارا تتشبث في أعماق الأرض تقاوم عصف الريح، وتعيد شبابها بالمطر، فجأة وقع بصرها على قوس قزح يؤطر قبة الكون، فارتسم الفرح على وجهها الفينيقي، فأعدها أيام زمان فصرخت: