من بدء الخليقة والنوع البشري يحيا ويبقي بالزوجين الذكر والأنثى، ولكلا الجنسين خصائصه التي فطره الله عليها، ولكن ازدراء الأنوثة واستضعافها وإنكار حقوقها الطبيعية خلائق مألوفة من زمن بعيد، وبعض المجامع الأوربية كان يتساءل؛ هل المرأة من الجنس البشري كالرجل، وهل لها روح مثل روحه، وفي الهند كان الزوج إذا مات وجب أن تموت المرأة معه، وعرب الجاهلية كانوا يتشاءمون لمولد الأنثى وقد يئدونها، وقد جاء الإسلام فاحترم الأنوثة ورفض أنواع الإهانات التي كانت تلقاها ووعي المجتمع العربي على عهد الأولين المرأة، فكانت تتردد على المسجد من الفجر إلى العشاء وتتعلم كما يتعلم الرجل وقد تقاتل مع المقاتلين وتداوي الجرحى وتدفن الموتى وتأمر وتنهى وتنصح، إلا أن التقاليد العربية الجاهلية عز عليها أن يظفر الإسلام بالمرأة، فعادت تسلب ما منح الدين وتنكر ما أقرّ وتعامل المرأة على أساس أنها متعة، ومن ثم صدر تحريم من جهات غير معروفة لصلاة امرأة في مسجد وألا تنتسب إلى مدرسة ولو لمحو الأمية وصدرت فتاوى مكذوبة بأن وجه المرأة عورة ولو من غير فتنة، وصوتها عورة وأخذت الفتوى حكم الأمر اللازم وليس الرأي الاحتمالي وقيل أن المرأة إجمالا لا علاقة لها بالنشاط الثقافي والاجتماعي، ويحكي الشيخ «الغزالي» عن موقف يدل على مدي الفكر الذي يحاول فرضه بعض من يدعون الدعوة، يقول "قدم إليّ شاب متدين كتيبا ألفه عالم يدعو للنقاب ويحكم بالفسق على السوافر من النساء، ومددت بصري إلى السطور الأولى فوجدت الرجل يقول إن الإسلام حرم الزنا فوجب ستر الوجه سدا للذريعة، قلت الاستدلال ساقط فقد طلب الإسلام كشف الوجه في الحج والصلوات، فهل يحرض بذلك على الفاحشة"، ورفض «الغزالي» بأن الأعجمي ليس كفئا للعربية باعتباره لونا من التفرقة العنصرية، كما رفض كل إلغاء لإرادة المرأة في الزواج ورفض الطلاق البدعي وحارب منعها من التعليم، كما حارب إغلاق المساجد في وجهها، وقبل شهادة المرأة في جميع القضايا المدنية والجنائية في حدود النصاب المشروع، وللمرأة ذات الكفاية العلمية والإدارية والسياسية أن تلي أي منصب ما عدا منصب الخلافة العظمي وتستشار وتشير ولرأيها وزنه بقدر ما فيه من حق، وكتب أن الجاهلية القديمة سمحت لنسوة تقيات أن يشاركن في بيعة العقبة، ما وضعت على أيديهن قيدا، أما المسلمون في القرون الأخيرة فيستحيل أن تسمح تقاليدهم بذلك، وكتب أيضا أن الإسلام احترم المرأة كزوجة فأعطاها الحق في خلع زوجها إذا كرهت العيش معه.