من المعلوم أن مصافحة المرأة الأجنبية من الأمور المحرمة، لوُرود النصوص التي تفيد بذلك، إضافة إلى كون التحريم باب لسدّ الذريعة التي تنتهي إلى الفساد، وإذا حرم النظر وهو أخفُّ، كان تحريم المسُّ والمصافَحة أشد وأكبر، وقد قال العلماء إنه إذا كانت المرأة عجوزًا جازمصافحتها لزوال الخوف من الفتنة، وقد أفتى البعض بالجواز عند أمن الفتنة أو تعرض المسلم للحرج كما يحدث بين الأقارب والأصهار، وقالوا إنه تكاد تتفق آراء الفقهاء على حُرْمة مُصافَحة الرجل المرأة الشابَّة الأجنبية، ولو عند وجود الحائل وإن انتفت الشهوة وأُمِنَت الفتنة عند المصافَحة، وذلك لما رُوى عن «عائشة» رضي الله عنها قالت "ما بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة بصفق اليد، وإنما كانت مبايعته صلى الله عليه وسلم النساء بالكلام"، وفي رواية أخرى "ما مسَّت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدَ امرأة قط وإنما كان يبايعهن كلامًا"، وقال «ابن العربي» "ما رُوِي أنه صلى الله عليه وسلم صافحَهُنَّ على ثوبه أو أناب عمر بن الخطاب في مصافحتهن أو كلَّف امرأة وقفت على الصفا فبايعتهن"، وما ينبغي التعويل عليه في ذلك هو ما رُوِيَ في الصحيح من أنه لم يصافح امرأة منهن وما مسَّت يده يد امرأة لا تَحِل له، وقالت «عائشة» رضي الله عنها "مَن زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسَّ امرأة أجنبية فقد أعظم الفِرْية عليه". أما إذا كانت المرأة عجوزًا أو شوهاءَ أو ذميمة الخِلقة أو مريضة فإن المالكية والشافعية يَرَون حرمة مصافحةَ الرجل لها إلا إذا كان ثَمَّةَ حائل كثيف بين الكفين وأُمِنَت الفتنة عند المصافحة للأحاديث السابقة، وإن كان الحنفية وبعض الحنابلة يرَونَ جواز مصافحة الرجل لمثل هذه المرأة ولو بدون حائل، إذا أُمِنَت الفتنة عند المصافحة؛ لما رُوِي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُصافح العجائز في البَيعة" إلا أن هذا الحديث غير ثابت وقد روي عن «عائشة» رضي الله عنها إنكارها له، أما مجرد التحية بالكلام فقد منعها جماعة مُطلقا مستندين في ذلك إلى ما رواه «ابن الجوزي» مرفوعا "ليس للنساء سلامٌ ولا عليهن سلامٌ" وقالوا "إن التحية بالسلام وغيره مظهر يدل على ميل مَّا بين الجنسين، وقد تُستغل لِخَلْق علاقة غير طيبة عند فساد الزمان".