حذرت منظمة الأممالمتحدة من تنامي ظاهرة المتاجرة بالمخدرات بدول الساحل الإفريقي، وبالأخصّ في منطقة المغرب العربي، على خلفية ثبوت أدلة تشير إلى وجود علاقة بين هذا النشاط في تمويل عمليات الجماعات الإرهابية، ودعت على إثر ذلك إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لقطع الطريق أمام شبكات التهريب لأن أمرا بخلاف ذلك يعني إمكانية تصاعد وتيرة التهديد الإرهابي في المنطقة. زهير آيت سعادة تحذير الهيئة الأممية جاء على لسان مدير مكتبها لمكافحة المخدرات والجريمة أنطونيو ماريا كوستا الذي أقرّ في كلمة ألقاها أمام مجلس الأمن في إطار ندوة نقاش حول ظاهرة تهريب المخدرات في إفريقيا، بأنه "لدينا أدلة على وجود نوعين من المخدرات، الهيروين في الشرق والكوكايين في الغرب، يتم تصديرهما من الصحراء عبر طرق جديدة عن طريق تشاد والنيجر ومالي والجزائر والمغرب وليبيا"، لافتا في هذا السياق إلى ما سمّاه "المضاعفات الخطيرة" لتنامي هذه التجارة على تصاعد الأعمال الإرهابية في المنطقة في إشارة واضحة من هذا المسؤول الأممي الرفيع منه إلى دول الساحل الإفريقي التي تأتي الجزائر من ضمنها. وتابع أنطونيو ماريا كوستا في الاجتماع الذي دعت إليه بوركينافاسو من موقعها الدولة التي ترأس مجلس الأمن الشهر الجاري، موضحا أهمية دور مصالح الأمن في منطقة الساحل الإفريقي على وجه التحديد في تكثيف عمليات المراقبة قصد التصدي لمشكلة تهريب المخدرات وكل ما له علاقة بالنشاطات الإجرامية الناتجة عنها، معتبرا مثل هذه الخطوة بمثابة قطع للطريق أمام الشبكات التي تستغل هذا النشاط من أجل لتمويل الإرهاب. وحرصا منه على تقديم مزيد من التوضيحات حول جدّية تلك التهديدات التي تمثّلها تجارة المخدرات، قال مدير مكتب الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة إن "المخدرات التي كانت تحملها القوافل، صارت تنقل جوا عبر الصحراء وهو ما تبين بعد حادث سقوط الطائرة بوينج 727 في شهر نوفمبر الماضي بعد أن أقلعت من ممر طائرات غير شرعي قرب منطقة جاو في مالي وهي منطقة تعاني من التمرد والإرهاب..". ولكن المثير للفزع على حد تعبير المسؤول الأممي هو كون هذا النموذج الجديد للعلاقات بين المخدرات والجريمة والإرهاب تم اكتشافه بالصدفة بعد حادث سقوط الطائرة، وهو الأمر الذي دفع بهيئة الأممالمتحدة إلى التحرّك والمطالبة بآليات فعالة للوقوف أمام هذه الظاهرة الجديدة، قبل أن يخلص المتحدّث إلى القول بأن الظاهرة أخذت فعلا أبعادا خطيرة "لأن الجماعات الإرهابية في كل منطقة الساحل الإفريقي بدأت تستعمل وبشكل متزايد عائدات تهريب المخدرات لتمويل عملياتها الإرهابية وشراء تجهيزات ودفع رواتب العاملين معها". وعلى هذا الأساس لم يتوان مسؤول المكتب الأممي لمكافحة المخدرات والجريمة في وصف الوضع بالمنطقة ب "المأساوي" بعد أن لاحظ أن "المنطقة أصبحت منطقة تجارة حرة لكل أنواع التهريب مثل المخدرات والمهاجرين غير الشرعيين والأسلحة والنفايات السامة..". وكانت الجزائر من بين الدول السباقة إلى الدعوة عبر مختلف الآليات الأممية والإقليمية إلى ضرورة وضع الآليات اللازمة وتكثيف تنسيق الجهود دوليا من اجل القضاء على القواعد الخلفية للإرهاب، وتجفيف منابعه في مقدمتها تجارة المخدرات ومختلف أشكال الإجرام المنظم، وقد تبنى أمس مجلس الأمن إعلانا غير ملزم أشار فيه إلى أنه "في بعض الحالات يشكل الرابط الذي يزداد وثوقا بين تهريب المخدرات وتمويل الإرهاب، مصدر قلق متزايد للمجتمع الدولي".