اعترف الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، عبد القادر مساهل، بعجز دول إفريقيا وبالأخص دول الساحل، عن ضمان أمن حدودها من التهريب الذي يشكل ممونا مهما للجماعات الإرهابية، ويساهم في تمكينها من القيام بنشاطاتها الإجرامية. ولا ينحصر هذا العجز، حسب مساهل، على دول الساحل وإنما يعني دول شمال إفريقيا وغربها. وقال الوزير أمس خلال افتتاحه أشغال الملتقى حول مكافحة تمويل الإرهاب في شمال وغرب إفريقيا بالمركز الإفريقي للدراسات والبحث حول الإرهاب بالعاصمة، أن شساعة صحراء إفريقيا وحدود دولها صعبت كثيرا من مهمة مراقبة الحدود وتقليص نشاط جماعات التهريب، خاصة تهريب المخدرات التي غالبا ما توجه الأموال إلى التبييض ومنه إلى دعم الجماعات الإرهابية. بالإضافة إلى افتقار هذه الدول إلى الإمكانيات المادية المتطورة التي تمكنها من فرض رقابة صارمة على تنقل الأشخاص والممتلكات عبر الحدود. واعتبر الوزير أن هذه الوضعية المعقدة ساعدت الجماعات الإجرامية على توسيع نشاطها وتسهل تحويل الأموال بالاعتماد على الدفع النقدي سواء بين الجماعات داخل دولة واحدة أو خارج حدودها. وفي سياق حديثه عن نقاط الضعف التي تقف عائقا أمام تمكن إفريقيا من مكافحة الإرهاب وتمويله، دعا عبد القادر مساهل المنظمات الدولية منها "بروتن وودز" وديوان الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، بالإضافة إلى الشرطة الدولية إلى مساعدة دول شمال إفريقيا وغربها بوسائل تشريعية تمكنها من العمل وفق المقاييس المعمول بها دوليا في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، كما طالب بمساعدة تقنية وتكوين الموارد البشرية في مجال العدالة الجنائية. وقال مساهل أن هذه المساعدة لابد أن ترتكز على خلق قاعدة معلومات حول تبييض الأموال وتمويل الإرهاب يمكن من تسهيل تداول المعلومة المالية وحركة رؤوس الأموال المشبوهة. من جهة أخرى، انتقد عبد القادر مساهل رضوخ بعض الدول إلى مساومات الجماعات الإرهابية التي تختطف رعايا للحصول على مصدر تمويل آخر لنشاطاتها الإرهابية، وقال إن هذا الانصياع يعد مساعدة مباشرة للإرهابيين على الاستمرار في عملياتهم وهو ما يتعارض بشكل صريح مع الاتفاقيات والالتزامات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتمويله، منها اللائحة الأممية 73-13 التي تنص في المادة الأولى على أنه يفرض على الدول منع وضع الأموال والخدمات المالية في خدمة الأشخاص الذين يرتكبون أو يحاولون ارتكاب أعمال إرهابية أو يدعمونها أو يسهلونها. كما اعتبر أن الاستجابة لمطالب الخاطفين يقوض جهود دول أخرى في تجفيف منابع تمويل الإرهاب، وطالب بصرامة أكبر في التعامل مع هذه الحالات بهدف إنجاح مكافحة تمويل الإرهاب في شمال افريقيا ودول الساحل، خاصة بعد بداية تكرار عمليات اختطاف السواح الأجانب والرعايا في بعض الدول الإفريقية. وقال عبد القادر مساهل، أمس، على هامش افتتاح الملتقى أن مسألة مكافحة تمويل الإرهاب تستدعي اهتمام كل الدول من أجل بحث الملف والتوصل الى أسلوب فعال لتجفيف منابع تمويل الإرهاب، مشيرا إلى حاجة بعض الدول في شمال إفريقيا وغربها إلى التأهيل في هذا المجال. وأوضح أن ملتقى الجزائر الذي يشارك فيه 50 خبيرا مدنيا وعسكريا من دول مختلفة بمشاركة الولاياتالمتحدةالأمريكية، سيخرج بأرضية تمكن من تسهيل عمل الدول الإفريقية في مكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال ومنه حصر نشاطات الجماعات المسلحة. كما يقوم الخبراء على تقييم مدى الخطر المتعلق بتمويل الإرهاب، حيث دعا مدير المركز الإفريقي للدراسات والبحث حول الإرهاب أبو بكر غاوسو ديارا الخبراء إلى بحث سبل منع التمويل خاصة على تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي يشكل أكبر خطر على شمال إفريقيا وساحلها، الذي أضحى يتغذى من الاختطاف والفديات وعمليات حجز الرهائن والابتزاز والمتاجرة بالمخدرات والتهريب. كما حذر من أن حاجة دول إفريقيا لاستثمارات قد تكون فرصة لضخ أموال يجهل مصدرها، أو الخطر الذي تشكله السوق الموازية، وهي المحاور التي يدرسها الخبراء طيلة الملتقى الذي يستمر إلى غاية نهاية الأسبوع. من جهته، أكد سفير الولاياتالمتحدةبالجزائر، السيد دافيد بيرس، على أهمية خلق وحدات خاصة للتحقيق في عمليات تحويل رؤوس الأموال المشبوهة، وهي الوحدات التي مكنت الولاياتالمتحدة من تجميد 140 مليون دولار موجهة لدعم الإرهاب، مشيرا إلى أن الملتقى يهدف إلى تعزيز قدرات المنظمات الإقليمية وشبه الإقليمية بإفريقيا في مجال مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى تحسين مصالح الاستخبارات المالية والوقاية من التجاوزات عن طريق منظمات غير ربحية وكذا اتخاذ إجراءات للتصدي لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب.