يتميز النشيد الوطني عادةً بألحانه القوية وكلماته الرنانة، وربما تدمع عيون المواطنين كلما رددوه في المحافل العالمية، فتخيل غرابة الوضع لو أنك سمعت لحن نشيد بلادك بكلمات لغة أخرى؟ هل يرجع هذا إلى عدم أمانة الملحنين؟ أم إلى صعوبة كتابة لحن أصيل؟ تساؤلات يطرحها اليكس مارشال في كتابه الجديد حول تاريخ الأناشيد الوطنية. فيما يلي لائحة بمجموعة من الأناشيد الوطنية التي طالتها اتهامات "السرقة": 1. البوسنة في العام 1998، وجد اليوغوسلافي دوسان سيستيك نفسه في ضائقة مالية حدت به إلى دخول مسابقة للنشيد الوطني البوسني الجديد، والتي كانت تهدف إلى تضميد آلام جراح بلدٍ أدماها الصراع العرقي. لم يكن الفوز هدفه على الإطلاق، فقد كان يحن إلى يوغسلافيا أكثر من الافتخار ببلده الجديد، وهكذا دخل المسابقة بلحن رقيق يداعب المشاعر، ظناً منه أن جمال اللحن كافٍ للفوز بالمرتبة الثانية أو الثالثة لينال مكافأته المالية ويمضي في حال سبيله. لكن المفاجأة أن اللحن فاز بالمسابقة، وانقلبت حياته بين ليلة وضحاها. وفي العام 2009 اكتشف أحدهم أن لحن دوسان يشبه إلى حد كبير الموسيقى الافتتاحية لفيلم National Lampoon's Animal House وهو من إنتاج العام 1978. تعالت الأصوات من كل حدب وصوب منادية بإبطال نشيد دوسان، ما اضطره للدفاع عن نفسه قائلاً، "لم أكن أعرف اسم الفيلم، لكني استمعت إلى أغنيته وذهلت جداً. فكرت بالأمر، فلعلي في شبابي شاهدت الفيلم أو سمعت الأغنية التي رسخ لحنها في عقلي الباطن بطريقة ما. هذا احتمال وارد جداً، لكنني لا أستطيع القول أنه انتحال أو سرقة". 2. أوروغواي لم يكن نشيد سيستيك اللحن الوحيد الذي طالته اتهامات الانتحال، خذ أوروغواي مثلاً التي ألف لحنها الوطني فرانشيسكو هوزيه ديبالي في العام 1846. إذ تبين أن مقطعه الرئيسي ليس إلا نسخة مطابقة لجزء من أوبرا دونيزيتي المسماة لوكريزيا بورجيا. يتطابق النشيد مع الأوبرا في 9 نغمات متصلة، لكن أنصار ديبالي يشيرون إلى أنها تظهر في الربع الأول من أوبرا مدتها ساعتان كاملتان، ما يجعل الأمر برمته محض صدفة. 3. الأرجنتينوجنوب أفريقيا كذلك اتهمت المقدمة الجياشة للسلام الوطني الأرجنتيني بسرقة مقاطع من عملٍ لكليمنتي، بينما يشاعُ أن إينوك سونتوغا مؤلف نشيد جنوب أفريقيا الرائع Nkosi Sikelel' iAfrika استلهم اللحن من مقطوعة Aberystwyth التي ألفها الموسيقي الويلزي جوزيف باري. 4. ليشتنشتاين كان نشيد God Save the King البريطاني أغنية تقليدية تم إحياؤها في العام 1745 خلال حملة الأمير تشارلز الوسيم لغزو إنكلترا لإعادة العرش لعائلة ستيوارت. سرعان ما انهزم الجيش، لكن ظلت أغنية God Save the King على الألسن والشفاه عقوداً مديدة، حتى شعر ملوك آخرون أن عليهم الإتيان بنشيد مثله. وبالفعل ظهر اللحن في الدنمارك ومعظم الولايات الألمانية وروسيا أيضاً، وحتى مملكة هاواي، فالناس ببساطة استعاروا اللحن وغيروا الكلمات. مع الزمن شعرت هذه البلدان في نهاية المطاف بأهمية أن يكون لديها لحنها الخاص، غير أن دولة وحيدة خارج التاج البريطاني (الكومنولث) ترفض بعناد أن تغيّر من لحنها: إنها ليشتنشتاين، فلو ذهبت هناك لسمعت الناس يغنون بفرح وحبور نشيد Oben am Jungen Rhein (على ضفاف الراين الشاب) دون أن يخطر في بال أحدهم لو أن بريطانياً كان حاضراً بينهم لانضم إلى جوقتهم لكن بكلمات مختلفة. 5. استونيا وفنلندا بدورهما تتشارك استونيا وفنلندا اللحن ذاته نشيداً وطنياً، أي أن الاستونيين لو شغلوا المذياع لسمعوا نشيدهم الوطني إبان الحقبة السوفييتية يصدح عبر أثير إذاعات الراديو الفنلندية. ويقول البعض أن ذلك اللحن الذي كتبه الموسيقي الألماني فريدريك باكيوس مستوحى من أهزوجة ألمانية للخمر. 6. إسرائيل من ناحية أخرى تعمد الكثير من الأناشيد الوطنية إلى الأغاني الشعبية مصدراً ومنهلاً، فصموئيل كوهين الذي ألف نشيد إسرائيل Hatikvah (الأمل) في العام 1888 قال إنه استقى اللحن من أغنية شعبية رومانية، لكن البعض أيضاً اتهمه باستعارة اللحن من مقطوعة للموسيقي التشيكي بيدريك سميتانا. 7. كوريا الجنوبية والمالديف وبالطريقة نفسها استعارت كوريا الجنوبية والمالديف لحن Auld Lang Syne لنشيديهما الوطنيين. فكوريا الجنوبية ورثت اللحن عن مبشرين مسيحيين اسكتلنديين، بينما اختار الشاعر الذي كتب نشيد المالديف اللحن عندما سمعه يرن من ساعةٍ لعمّه. 8. الولاياتالمتحدة الأميركية حتى نشيد Star-Spangled Banner الأميركي الشهير ليس أصيلاً، إذ اقتُبس على وقع أنغام أغنية بريطانية قديمة لنادي خمر اسمها To Anacreon in Heaven. اعترض الكثيرون من زعماء السياسة عندما طرح اللحن للتبني نشيداً، مشيرين إلى أن البلاد بحاجة إلى لحن أصيل. هذا الموضوع مترجم من موقع هيئة الإذاعة البريطانية "BBC". يمكنك الاطلاع على النص الأصلي، من خلال الضغط على هذا الرابط.