بالقرب من مدينة باريس، حيث عاصمة الجن والملائكة "التي يمكنها أن تدفع وزيرا عاجزا للانتحار احتراما لفشله، اختار رئيس بلدية فقيرة غير بعيدة عن عاصمة العطور، الدخول في إضراب عن الطعام، ومن أمام البرلمان الفرنسي، رابط المير المحتج، والسبب لا يتعلق بمتابعة قضائية أو سحب ثقة من قبل زملائه، وإنما موقف من مسؤول أضرب عن الطعام لأجل أن تفهم الحكومة الفرنسية أن بلديته ومواطني بلديته يعانون، وأنه لن يوقف احتجاجه مالم يتدخل "هولاند" شخصيا لحل أزمة المير وناخبيه، فالمير عندهم مير والوزير عندهم وزير ولا داع لأن نقارن بين الثرى هنا والثريا هناك، فالفرق مسافة ضوئية شاسعة.. الحكاية لا علاقة لها بما يجري حوالينا من طوفان انتخابي محلي اغتال آخر الأماني عندنا في اقتناعنا بأن هناك بقية من وطن وبقية من سلطة لاتزال تؤمن بأن هناك بقايا من شعب، فالشعاب الانتخابية التي عجّت، بمترشحين من كل لون مبتذل وعار المضمون، غنية عن كل انتخاب، وإذا كان في باريس، مير أضرب عن طعامه وشرابه احتجاجا على معاناة مواطني قريته معلنا عصيانا حكوميا مالم يتدخل البرلمان لسد حاجيات بلدته، فإنهم هنا، "يتضاربون" على رؤوس القوائم للفوز بمن يكون المير ومنه من يكون "اللص" الكبير الذي ينهب ويسلب ويعطب قبل المواطنين أماني وطن في عزة وبقية "الباغية" من كرامة مفقودة.. لا جديد عندنا، سوى أننا قرأنا القارعة على أخبار ما وراء البحر، ففي الوقت الذي يستقيل فيه مدير ال«سي أي أي" حفاظا على كرامة منصبه من نزوة عاطفية جرته لسرير غير سريره الشرعي، نجدهم، هنا، حيث العدل، وربما "العجل" أساس الملك، يقبضون على قضاة في وضع مخل بكل "عدل"، وبدلا من أن تقال الحكومة عن بكرة "عدلها"، فتحت قضية من طرف قضاة لمعرفة الحيثيات التي دفعت القضاة لكي يكونوا "زناة"..!