المعتز بالله تعتبر المطاحن المائية التقليدية بقرية الرحاوات التابعة لبلدية حيدوسة بباتنة، من معالم المنطقة ورموزها التي ظلت شاهدة على حقب زمنية متعاقبة وتستمد منها المنطقة اسمها وشهرتها منذ قرون، حيث كانت القرية تستقبل محاصيل الحبوب من الدوائر المجاورة والمناطق الفلاحية بباتنة وخارجها من قبل الاستعمار الفرنسي للجزائر وبالضبط منذ سنة 1800م إلى غاية ثمانينيات القرن الماضي، فهذه المطاحن التقليدية التي أقامها السكان الأوائل للمنطقة لاستغلال المياه الجوفية والينابيع، تتكون من دائرتين حجريتين تثقب العلوية في منتصف القطر البالغ متر ونصف وتجعل أسفل السواقي على أن تكون قاعدة الرحى فوق المجرى المائي ويتم وضع قطعتين كبيرتين من الحجارة المصقولة على جانبي قاعدة الرحى الدائرية تكون موصولة بقطعة ثالثة بها ثقب دائري في المنتصف تمرر من خلاله قطعة جلدية أو معدنية أسطوانية الشكل على الثقب الموجود في الدائرة الحجرية في قاعدة المطحنة ويمرر القمح والشعير للطحن بين القطعتين الحجريتين. وكان الفلاحون قديما من أصحاب المطاحن الهوائية يجعلون قنوات نقل المياه من الساقية إلى المطحنة على شكل منحدر يضيق في النهاية ليضمن تدفق الماء بسرعة، كما استحدث الفلاحون حسب شهادة كبار القرية نظاما خاصا بتوزيع مياه السواقي بين سقي الحقول والبساتين وتشغيل المطاحن التقليدية نظرا لكثرة الطلب على هذه الأخيرة وعادة ما يتم طحن الحبوب ليلا منذ غروب الشمس إلى مطلع الفجر ثم تحول المياه لسقي الأراضي نهارا، ويتطلب تشغيل المطاحن توحيد مجرى ساقيتين على الأقل لتوليد أقصى طاقة تمكن من دفع ريشة الرحى الخشبية. وقد تحولت أغلب الطواحين الهوائية بالرحاوات المتوزعة عبر حقول العنب والتفاح والتين إلى مجرد آثار باستثناء طاحونتين اثنتين ظلتا طوال هذه السنين تصارعان أسباب الاندثار، وقد أبدى أصحابها رغبة في تشغيلها في حالة الحصول على دعم من الدولة لترميمها وتجديد القنوات التي تجلب إليها المياه من الساقية الرئيسية.