لا يزال سكان الأوراس متمسكين بتقاليد المنطقة في التحضير للشهر الفضيل بدءا بالاحتفاء بأواخر شهر شعبان بصيام بعض أيامه اقتداء بسنة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم. ومن المظاهر التي تميز سير التحضيرات للشهر تلك التي لها علاقة بالميزانية وتجديد الأثاث وتزيين البيوت واقتناء المواد الاستهلاكية الخاصة، وتحضير مختلف الأطباق منها مادة الفريك التي تحضر بطريقة خاصة، حيث تلجأ ربات البيوت لطحنها بواسطة المطحنة التقليدية وتحويلها إلى مادة الفريك بأسعار منخفضة مقارنة بأسعارها بالأسواق، ما جعل المواطنين من ولايات مجاورة يقبلون هذه السنة عليها بمنطقة شيدي بمروانة بأعداد هائلة. ويفسر العديد منهم سر الإقبال على المطحنة التقليدية لخصوصياتها في طحن الفريك ولإعطائها من نكهة خاصة لا يمكن الاستغناء عنها في هذا الشهر العظيم. وتقضي النسوة فترات طويلة لطحن الفريك في البيوت وفي غالب الأحيان تعرف العملية تنافسا بين النسوة لإعداد أكبر كمية من الفريك لتوفير نصيب للفئات المحرومة والمعوزة من الجيران. ولا زالت المنطقة تحتفظ ببقايا المطاحن المائية التقليدية خصوصا بمنطقة الرحوات التابعة لبلدية حيدوسة، وهي استمدت شهرتها الواسعة من مختلف أنحاء منطقة الأوراس على مدار قرون خلت. والتي هي في حاجة لترميمات لإعادة تشغيلها وبعث طقوس المنطقة. وتعد المطحنتان المنتصبتان بمنطقة ''ايفرجاض'' شاهدتين على تاريخ المطاحن وعلى الرغم من حالة تدهورهما الكبيرة إلا أنهما مازالتا تصارعان الفناء وتواجهان التكنولوجيا الحديثة علما أن أغلبها نحتت من الحجارة. ويأمل سكان المنطقة في عودة هذه المطاحن ليستأنسوا بصوتها الممزوج بخرير المياه المتدفقة من السواقي الذي افتقدوه اليوم بعد أن توقفت كل المطاحن عن الدوران، ويؤكدون أن الرحاوات كانت تضم 17 طاحونة تستقطب إليها آنذاك محاصيل القمح والشعير من مناطق تارشوين ونقاوس وعين التوتة ومروانة وغيرها لتتناقص تدريجيا بعد الاستقلال ويتوقف آخرها عن العمل في منتصف ثمانينات القرن الماضي.