لا تزال قضايا الفساد في بلادنا تثير شهية الحديث السياسي والإعلامي منذ أن فجرت الصحافة الإيطالية فضيحة سوناطراك في طبعتها الثانية. هذا الحديث لن يتوقف مادامت السلطة تحاول الابتعاد برموزها عن “خالوطة" وزير الطاقة السابق وكل من دار في فلك “فساده"، والحقيقة أن قضية سوناطراك 2 أصبحت تشبه حقول النفط في الجنوب بأرقامها التسلسلية، وهي في جوهرها امتحان خطير للسلطة يضاهي قضية بنك الخليفة في تداعياتها وامتداداته. وإذا نجحت السلطة في تجاوز هذا الحقل الذي تنام فيه القنابل القابلة للانفجار في أي لحظة، ستكون قد تجاوزت أقوى المراحل خطورة، فهناك حرب دائرة على أكثر من صعيد، هنالك جبهات سياسية تدار فيها معارك تريد اختصار الزمن ومن مصلحة الجميع أن يتم الفصل بشكل واضح في هذا التلاعب الحاصل بثروات البلاد من طرف مجموعة من الفاسدين، لم يقدروا حجم الأمانة التي تولوها. ألم يحاول شكيب خليل بيع ثروات البلد بواسطة مشروع قانون المحروقات الذي ألغاه الرئيس بوتفليقة في الوقت المناسب؟ إن الفساد ظاهرة موجودة في كل بلدان العالم الديموقراطية والديكتاتورية المنغلقة والمنفتحة، لكن الخطير أن يستمر هذا الغول في التهام الأخضر واليابس دون رادع ولا وازع، لدرجة أن النزاهة أصبحت عملة مفقودة، بينما يعربد الفاسدون في كل زاوية وركن.. وإذا تم التعامل مع ملفات الفساد بمنطق القانون لا السياسة يمكن فرملة سرعة هذا الغول.