يقول القائد النازي الراحل أدولف هتلر، إذا أردت أن تسيطر على قوم أوهمهم أنهم في خطر. وإذا أردت أن تستعبدهم ازرع في قلوبهم الخوف، وهي نظرية لا تزال صالحة إلى اليوم، واستعملتها بعض الدول وحتى الأنظمة لتطويع شعوبها. نظرية المؤامرة تتشدق بها الأنظمة الفاسدة، كلما أحست بخطر التغيير أو الهزة الاجتماعية وتتذرع بها الدول من أجل تبرير أهدافها وغاياتها واستراتيجياتها التوسعية. وأغرب ما سمعنا مؤخرا عن نظريات المؤامرة ما يروّج إعلاميا وحتى سياسيا في الجزائر، ومن بعض الأقلام، حول فضيحة سوناطراك 2، بعد أن نشر الطرف الايطالي الغسيل الوسخ للجزائريين، وتحرّكت منظمة الشفافية للمطالبة بوضع حد للفساد الاقتصادي في الجزائر. وسمعنا قول البعض إنها مؤامرة خارجية تحاك ضد شركة سوناطراك من أجل إضعافها.. أي موازين مقلوبة نسيّر بها عندما يصبح فتح تحقيق في قضية فساد مؤامرة، أما السكوت عنه طيلة السنوات، جادة الصّواب؟ وكأن الجزائر تقع في المريخ وتتعامل مع مغفلين، يمكن الضحك على ذقونهم بمهاترات مماثلة. ألم تتعبوا من الخطابات الشعبوية؟ إننا نعيش في عالم مكشوف لا يرحم، وإن كنا لا نهتم بمصالحنا ويرهن البعض منا مستقبل أجيال بأكملها من أجل بضع مليارات، دون حسيب ولا رقيب، فإن هناك من الأمم والدول من تبيد شعوبا لأجل مصالحها وضمان مستقبل أبنائها والحفاظ على مكانتها ومكتسباتها، وما يحدث حولنا وفي محيطنا أكبر دليل على ذلك. وكما يقول المثل ''اللي ما في كرشو التبن ما يخاف من النار''، لكن يبدو أن بطون سوناطراك ومن مروا عليها من مسؤولين ومن حولهم، مليئة بالتبن والقمامة والغسيل النتن، الذي يجب أن ننشره ونحاسب عليه. فلا يوجد دخان دون نار، ودخان إيطاليا أكيد أن ناره في الجزائر، والخوف كل الخوف أن تكون نار سوناطراك قوية، وتمتد بها رياح ما يحدث في العالم اليوم، لتضرب أعماق الدولة وقد تأتي على الأخضر واليابس. في الواقع إن قضية إجراء صفقات بالتراضي وتحت الطاولات على حساب جدية تنفيذ المشاريع ومطابقتها للمعايير المطلوبة، ليست اختصاصا ''شكيبيا'' ولا ''سوناطراكيا'' فقط بل جزائريا خالصا. فأغلب الصفقات في السنوات الأخيرة في مختلف القطاعات، الثقافة، الأشغال العمومية أو التهيئة وغيرها تمت بالتراضي، رغم أنها مخالفة للقانون وتضر بالاقتصاد ومدى مطابقة المشاريع للمعايير وتمس بمصداقية السوق الجزائرية وتفتح شهية الطامعين والمتآمرين. ووصول هذا الفساد إلى شركة تعد صمام الأمان لمستقبل الجزائريين، ينذر بما هو أخطر. إذن علينا أن نكفّ عن استغباء الشعب ونسمي الأشياء بمسمياتها، فإن كان السكوت عن قضايا الاختلاس في بعض البنوك والصفقات المشبوهة في بعض المشاريع والمرور مرور الكرام على قضايا أخرى من الفساد. يختلف الأمر هنا ، فلا يتعلق ببعض الملايين أو بفساد في شركة عادية، إن سوناطراك هي الجزائر للأسف، هي كل ما لدى الجزائريين، والتلاعب ضمنها يعتبر تلاعبا بالوطن أكمله، والخطأ فيها مهما كان فهو جسيم، وعلينا أن ننظر إليه كخيانة للوطن، وعلى الجهات المخولة لها فتح ملفات الفساد في سوناطراك، أن تنظر إلى هذه القضايا من هذا المنطق وتحاسبهم على أساس أهمية هذه الشركة التي تعول أكثر من 35 مليون جزائري. ومع ذلك.. فرضا يا سادتي أنها مؤامرة، كما تقولون، أو ليس من حق هذا الشعب أن يعرف الحقيقة ويمارس حقه في محاسبة كل المتلاعبين بقوته وأمنه واستقراره، عبر مختلف الهيئات التي تنوب عنه خاصة السلطة القضائية؟ أم أن سوناطراك دولة داخل دولة؟