وزير المجاهدين ينقل تعازي رئيس الجمهورية إلى عائلة المجاهد محفوظ اسماعيل    الصحراء الغربية: الاحتلال المغربي طرد 307 مراقبين أجانب من المدن المحتلة منذ 2014    انطلاق التربص التكويني لفائدة اطارات وزارة العلاقات مع البرلمان    انطلاق عملية دفع تكلفة الحج لموسم 2025 عبر كافة ولايات الوطن    وهران : انطلاق تظاهرة الأبواب المفتوحة حول القوات البحرية    منظمة التحرير الفلسطينية ترحب بتشكيل "مجموعة لاهاي" لدعم فلسطين    فلسطين: مستوطنون صهاينة يحرقون مسجدا شمال أريحا    تلمسان: إحصاء أزيد من ألفي طير بالمنطقة الرطبة المصنفة ضاية الفرد    قطاع التكوين المهني يعمل على توفير عروض تكوين تتلاءم مع احتياجات سوق العمل    الجزائر العاصمة: افتتاح معرض " قم ترى" للفنانة التشكيلية سامية شلوفي    عرقاب يستقبل وفدا من اتحاد مالكي ومستغلي محطات الخدمات والوقود    البطولة المغاربية المدرسية للعدو الريفي: المنتخب الجزائري يحصل على 6 ميداليات منها ذهبيتين    الصحفية حيزية تلمسي في ذمّة الله    بلمهدي يُحذّر من الأفكار المشوهة والمدمّرة    رسائل صمود وتحدّي    شرفة يترأس اجتماعاً تقييمياً    صادي: يجب أن نعمل بهدوء    غويري لاعباً لمارسيليا    بن ناصر يواجه بن موسى وزروقي    نقل قرابة 6 مليون طن من البضائع في 2024    ثلوج نادرة    الشرطة تُحسّس..    الغاز يقتل عشرات الجزائريين    مؤسّسات ناشئة تقدم حلولاً مبتكرة    رسالة من تبّون إلى رئيس غينيا بيساو    استئناف النزاع بالكونغو الديمقراطية يُقلق الجزائر    سايحي يلتقي نقابة الممارسين الأخصائيين    مؤسسة ميناء الجزائر تعلن عن فتح أربعة مكاتب قريبا    الإطاحة ب 3 شبكات إجرامية وضبط 100 ألف كبسولة مهلوسات    سايحي يلتقي أعضاء النقابة الوطنية للممارسين الأخصائيين    نصرة الحق وفضح عنجهية الكيان الصهيوني    انتصار جديد لقضية الصحراء الغربية    ممتنّون لجهود الجزائر والرئيس تبون في دعم القضية الفلسطينية    بن رحمة "سعيد" بالإمضاء لنادي نيوم السعودي    القفطان القسنطيني.. يعانق عبق التاريخ الجزائري العريق    أتطلع لبلوغ العالمية بنافورات تنبض بالحياة    إعادة تشجير غابة جامعة "محمد بوضياف" بوهران    ضبط مراحل جائزة ساقية سيدي يوسف    دفعة أولى من الأئمة تتوجه إلى أكاديمية الأزهر العالمية    طاقة الأكوان والألوان    حبكة مشوقة بين الأب والابن والزوجة المنتظرة    12 مسرحية.. "من أجل فعل إبداعي مؤثر"    رئيس كوبا يشيد بانجازات الدبلوماسية الجزائرية بقيادة الرئيس تبون    التعريف بالفرص الاستثمارية المتاحة في الجزائر    "العميد" لتعزيز الصدارة و"الترجي" للاستفاقة    تمنراست : إبراز دور الزوايا الكنتية في المحافظة على الهوية الوطنية وحسن الجوار    معرض "شوكاف" يكشف عن التطور الملحوظ لصناعة الشوكولاتة بالجزائر    الجمعية العامة العادية للفاف: المصادقة بالإجماع على الحصيلتين الادبية والمالية لسنة 2024    قمة التكنولوجيا المالية: مؤسسات ناشئة تقدم حلولا مبتكرة لمواكبة تطور التجارة الإلكترونية    هذه صفات عباد الرحمن..    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    وزير الصحة يُطمئن الأطبّاء    840 ألف دينار تكلفة الحج لهذا العام    معسكر: الشهيد شريط علي شريف… نموذج في الصمود والتحدي والوفاء للوطن    الشعب الفلسطيني مثبت للأركان وقائدها    فتح باب الترشح لجائزة أشبال الثقافة    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذيان: سبحان الله.. مقتولة وتجري!!
نشر في البلاد أون لاين يوم 17 - 10 - 2009

قال لي وهو يحاور نفسه ويتمم لها بطلاسم من تعاويذ سحرية لم أفهم منها سوى عبارة أن علة وعلل البلاد لم تكن يوما في معاليهم وفخامتهم وسيادتهم ولكنها فيمن يحيط بهؤلاء المعالي والسادة والفخامات ممن يزينون ويزنون بأطراف وأرجل وألسنة الكبار في أوقات الفرح والمرح.لكن إذا ما سقط الكبير أو عُزل أو قرر القانون يوما أن يقتص منه ويقيم عليه حد الطهارة لتبييض فراش الدولة والحكومة باسم الشعب، فإن الآكلين باسمه والناهمين باسمه والراقصين باسمه يكونون أول الجلادين وأول الواشين وأول الراكضين باتجاه فراش الخليفة أو الشهبندر السياسي الجديد..
قال لي وهو يحاور نفسه ويواسيها إن أخبارا شبه ''منكدة'' ومؤكدة أسرت له أن زمنه انتهى وأنه بعد حين لن يكون إلا تاريخا ملعونا عن عهدة ألعن، ولأنه تذوق مرارة أن ينتهي رصيد كرسيه النقال فقد اختار مقربيه ومخلصيه ومقبلي أقدامه ممن كانوا لسانه وحاله وعقله وقلبه إبان عزته، ليستأنس بهم ويبثهم نجواه عن مصيبه واقعة، وفي الوقت الذي كان يظن ويعتقد فيه أن الأقربين من حاشيته سيبكون ويذرفون الأدمع أنهارا لرحيله، فوجئ بالقاعة خاوية على عروشها، فلا حشم ولا خدم ولا متزلفين وكل ما كان من الزمن السابق ارتحل باتجاه زمن وفارس جديد، فحتى طباخ إقامته الرسمية الذي كثيرا ما أطعمه نكتا ومقالب وأخبارا عن أهوال وأحوال البلد، اختفى مخلفا وراءه صحونا فارغة وثلاجة لم يبق فيها شيء تبرده وتجمّده إلا انهيار وسقوط فخامته ومعالية وسيادته من على العرش، لينام المسكين على أمعاء بطنه بعدما عافت نفسه التي كانت زكية تناول بقايا من ''كاشير'' كان هو آخر الأكلات المحفوظة قبل أن يختفي الطاهي وناره الطاهية..
قال لي وهو يعض شفاهه، إنه صدم وتهاوى وعايش مرارة أن يسير في جنازة مدفونها هو، وأسرّ لي منهارا أن بصره أصبح اليوم حديدا بعدما أعاد شريط حكمه إبان كان هو العزيز وهو الكريم وهو المولى وغيره معاشر الخادمين والراكضين للحس جوارب حذائه.
وتذكّر في خضم اعترافه الرهيب يوم أقنعوه بأن للصيد نكهة تعادل نكهة السمر مع غادة أو غيد يافعات كثيرا ما تطوعن عن طيب جسد وخاطر لتسلية مولانا في منامه وفي فراشه الأثير وذلك خدمة لمصالح الأمة والأميين، تذكّر ذلك وحكى لي كيف خرج موكبه إلى الصيد يتقدمه بدلا من ''سلوقي'' فصيلة من ''المسلق'' البشرية، وبالطبع ''السلوقي'' هو كلب الصيد النحيف، والمهم أن صاحبنا المتهاوي واليائس والذي بلغه أن قرار عزله قيد التوقيع، رأى أو ''أرووه'' أرنبا قالوا له إنها برية رغم أن المسكينة كانت مقيدة ومصفدة وقد أمضت زهرة شبابها وحملها في بيت أحدهم، إلا أنهم أقنعوه بأنها برية وسريعة ويشهد لها رسميا أنها صرعت كل الصيادين قبل أن يوجه لها صاحبنا طلقة أصابت من كان بجواره ليسقط نازفا وهو يوجه أصابعه باتجاه الأرنب التي كان تسير بروية وعزة وترنخ ويردد في وجه مولاه: سبحان الله، أرنب مقتولة وتجري؟
المهم أن الأرنب عادت إلى الدار في انتظار والٍ آخر وطلقة أخرى وتسبيح آخر، أما صاحبنا الذي بلغه أنه المعزول والراحل بعد حين فقد عاد إلى مائدة عشائه وفوجئ بعشر أرانب عليها، وقبل أن يسأل أقنعه طباخه بأن طلقته لم تصطد أرنبا واحدة ولكنها اصطادت الأم فقتل أبناؤها هلعا من قدرة الصياد الذي ''أبال'' الأرانب في ملابسها الداخلية وأضحى يكفي ذكر اسمه حتى تصطف الفصيلة الأرنبية فوق ''الشواية''، أقنعوه بأنه الصياد رغم أنه طيلة عهدة تخديره بأنه المعجزة من طرف حاشيته لم يكن سوى ''صيد'' ثمين اصطادوه بطعم أرنب أو قط أو حتى فأر..
وهو يروي لي مأساة سقوطه من على ظهر العرش والفرس وما اكتشفه في آخر ساعة له قبل أن يغادر بلاطه غير مودع وغير مأسوف عليه، أخبرني بأنه طيلة أربع سنوات من تلقيه دروس الصيد العام في المياه العكرة، لم يحفظ إلا درسا وحيدا وواحدا، مختصره ومختزله أن المسؤولين من أمثاله مساكين وبؤساء ومنكوبون تخلت عنهم دولتهم حينما رمتهم بين أحضان ''حاشية'' هي الحاكم والجلاد والفاعل الأساسي، وما الحاكم إلا واجهة صيد لصيد ثمين هو فريسته وجنازته ومقبرته. والمهم أن نهاية القصة لم تكن كما توقعت وتوقع المتفرقون من حول من أبكاني حاله قبل أن يعزلوه، فقد نزلت برقية عاجلة على مكتب سيادته تعلمه أن السلطات العليا مددت عمر إمارته وإعماره عامين آخرين ليحدث الانقلاب وكان أول الهارعين إليه صريع الأرنب القديمة الذي جاءه وهو يتوكأ على عصا أرستقراطية تذكّره بحادثة الطلقة الشهيرة التي قتلت الأرنب، ورغم ذلك ظلت تجري في ''سبحان لله'' مفتعلة، ولأن سيادته عرف الحال والمآل الذي تأجل لعامين آخرين، فإنه استقبل من تفرق وتفرقوا عنه وكانت المفاجأة أن دخل كل واحد منهم وهو يحمل أرنبه بيده في عرض جديد للصيد المتكرر، وبالطبع أن فخامته وسيادته ومعاليه العائد من العدم فهم لعبة الأرانب ونتائجها، وأول ما فعله أنه طلب من حاشيته أن يفهموه في حكاية ''مقتولة وتجري''، كما أصدر مرسوما هاما وعاما يمنع بموجبه صيد الأرانب البريئة في أغراض ''مطبخية'' والفاهم يفهم.
نكتة وطلقة
روى لي أحدهم نكتة عن مسؤول تاريخي كبير اشتهر بقدرته الفائقة على الصيد، حيث يشاع عنه أن طلقة بندقيته لم تخطئ يوما هدفها. المسؤول إياه بلغه خبرا عن صياد قروي كان حديث الناس، ولأن سيادته مولع بالصيد فقد دعا منافسه إلى جولة صيد وكان برفقة الرجلين فصيل من ''الشياتين'' والمتزلفين. وبينما الرجلان يسيران في البراري خرجت أرنب برية من وسط الأحراش وقبل أن يفكر سيادة المسؤول في الوضعية المناسبة للبندقية كان القروي قد أطلق النار على الفريسة وربما طبخها وأكلها. الغرابة كانت في رد فعل الحاضرين من الشياتين حيث تجاهلوا القروي وطلقته العجيبة وراحوا يثنون على سيادة المسؤول الذي لم تغادر بندقيته كتفه، ليأتي الرد جاهزا من المسؤول إياه وهو يربت على كتف منافسه ويقول له ''لبلاد اللي فيها ''القوادة'' تفوت البارود ما راهيش ''بلاد''.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.