الدكتور عبد الرزاق مقري، 53 سنة، أب لثمانية أبناء... نائب رئيس حركة مجتمع السلم ومدير مركز البصيرة للبحوث والاستشارات والخدمات التعلّمية، يعتبر المرشح الأقوى لخلافة سلطاني على رأس الحركة، يبدو في ثوب الحصان الرابح، مقارنة بالأسماء الأخرى التي تفتقد للثقل والرمزية التي يتمتع بها في الحركة، خصوصا بعد رحيل أغلب القيادات التاريخية والكاريزماتية عن الحركة أو تخندق بعضها في لجنة الصلح. ابن ولاية المسيلة التي عرف فيها إماما خطيبا في الثمانينات، وقبل ذلك عرف بنشاطه الطلابي والدعوي الكبير في ولايات الشرق أيام دراسته الجامعية في مدينة سطيف، ضمن إطار الصحوة الإسلامية. انضم لجماعة الشيخ محفوظ نحناح في منتصف الثمانينات، وكان قبلها محسوبا على جماعة الحياد رفقة شيخه أحمد بوساق، الذي لا يفوت مقري فرصة إلا ويثني عليه وينسب الفضل له في دخوله حقل الدعوة. بعد تأسيس حركة المجتمع الإسلامي حماس سنة 1991 “حمس لاحقا" تم ضم الدكتور عبد الرزاق مقري إلى المكتب التنفيذي الوطني للحركة وكلف بالعلاقات الدولية، واستمر فيه إلى غاية وفاة الشيخ المؤسس. حامل لدكتوراه في الطب - مهنته الأصلية- والتي زاولها في مسقط رأسه -المسيلة- إلى غاية سنة 1997، العام الذي تم انتخابه فيه عضوا في البرلمان والذي استمر فيه إلى غاية 2007 . خلال السنوات العشر من نيابته في المجلس الشعبي الوطني تقلد مقري منصب نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني وكذا رئيس الكتلة البرلمانية لحمس، عرف فيها بمداخلاته النارية والمعارضة، رغم تواجد الحركة حينها في التحالف مع السلطة، وكان يقال إن الشيخ محفوظ نحناح كان يعتمد على مقري كل ما أراد التصعيد مع السلطة، وربما كان أشهر ظهور لمقري في حصة تلفزيونية سنة 1999 بعد منع الشيخ نحناح من الترشح للرئاسيات، حيث شن حينها هجوما شديدا على السلطة. اختلف مع الشيخ المؤسس في خيار التحالف مع السلطة، غير أنه نظم خلافه معه ولم يصل الأمر إلى حد القطيعة. انتخب سنة 2003 نائبا لرئيس حركة مجتمع السلم وتم تجديد انتخابه في هذا المنصب خلال المؤتمر الوطني للحركة سنة 2008، شذ مقري في هذه السنوات عن الخطاب الرسمي للحركة التي كانت ممثلة في الحكومة وطرفا في التحالف الرئاسي، حيث اعتمد خطابا معارضا ناقدا، مما سبب له متاعب كثيرة داخل الحركة، اضطرته للاعتكاف عدة مرات والتهديد بالاستقالة من منصبه. بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة وظهور الثورات العربية تحقق لمقري ما يتمناه وما ناضل لأجله لسنوات طويلة، حيث مالت حمس أخيرا نحو خيار المعارضة وتخلت عن سياسية رجل في السلطة ورجل في المعارضة، وهو ما تم في مجلسها الشورى منتصف 2012، أين سحبت وزراءها من الحكومة وفكت ارتباطها بالتحالف الرئاسي. أما عن نشاطه الفكري والثقافي، يدير مركز البصيرة للبحوث والاستشارات والخدمات التعليمية والذي يديره حاليا، كما يرأس أكاديمية جيل الترجيح للتأهيل القيادي والتي تعنى بتكوين عدد من الشباب وتدريبهم على القيادة، دأب على تنشيط المحاضرات والمشاركة في الملتقيات الدولية والوطنية زيادة على تأليفه لعدد من الكتب كان آخرها كتاب تحت عنوان “البيت الحمسي.. مسارات التجديد الوظيفي للعمل الإسلامي". ويعتبر عبد الرزاق مقري نفسه تلميذا للشيخ محمد أحمد الراشد وهو من أكبر المنظرين لفكر الإخوان، خاصة في الجانب التربوي الذي اعتمد عليه الدكتور كثيرا في تأسيسه لأكاديمية جيل الترجيح، ويرتبط بعلاقات وثيقة بالداعية طارق السويدان الرائد في مجال التدريب والتنمية البشرية. دوليا، برز مقري في دعمالقضية الفلسطينية وهو عضو في مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية التي يرأسها الشيخ يوسف القرضاوي، كما أنه أمين عام فرع الجزائر. و قد رأس الوفد الجزائري في أسطول الحرية الشهير الذي اعترضته القوات الإسرائيلية سنة 2010 . مقري ذو التكوين العلمي “على عكس أغلب القيادات الأدبية الهوى" يميل إلى العمل كثيرا والحديث قليلا، خاصة في السنوات الأخيرة، حيث أطلق مشاريع إستراتيجية للحركة، على رأسها مشروع جيل الترجيح الذي يعمل من خلاله على تكوين آلاف الشباب لضمان الزخم القيادي والتفاعل مع المجتمع. وشبك عبد الرزاق علاقات حمس الخارجية وربطها بمؤسسات دولية ومنظمات إسلامية لها صيتها وسمعتها، كمنظمة فريدوم هاوس الأمريكية والأندي اي. لا يتوقف عبد الرزاق عند هذا الحد بل يعمل ليل نهار على تمتين الملاءة المالية لحمس، حيث يعتبر عقلها المالي بجانب صديقه المقرب رجل الأعمال جعفر شلي، ومعروف أنه هو من وقف وراء تجديد مقر الحركة، من خلال تجهيزه بأحدث الوسائل والإمكانات. يتميز عبد الرزاق ويشهد له بذلك القريب والبعيد في حمس بقدرته على التجنيد والتعبئة، زيادة على تميزه التنظيمي وهذا من خلال الدورات المكثفة التي دأب على حضوره في أرقى المعاهد والمؤسسات الدولية، قدرات مقري تمتد إلى التفاعل وبشكل مكثف مع وسائل الإعلام الجديد وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت صفحته على الفيس بوك، والتي يتابعها الآلاف مرجعا للصحافة الوطنية لاستقاء الأخبار والمواقف التي يطلقها، كما يقف من خلال مجموعة من الشباب تلقت تكوينا عاليا في الأنترنت، وراء عشرات الصفحات السياسية والاجتماعية في الفيس بوك. في المقابل، ينتقد معارضو مقري حديته في الطرح، وتطرفه في بعض المواقف السياسية التي قد توقع حمس في حسابات خاطئة، خاصة ما تعلق بتغيير النظام وركوب موجة الثورات العربية دون الأخذ في عين الاعتبار خصوصيات الجزائر، وميل الجزائريين إلى الأمن والاستقرار بعدما عايشوا الفوضى والإرهاب العشرية السوداء. كما يتصادم مقري مع تقاليد حمس السياسية والتي تميزت بالمرحلية والتدرج وتبني خطاب التغيير الهادئ في ما يميل مقري إلى المعارضة الواضحة التي لا ألوان فيها، الأمر الذي سيقلص من هامش المناورة الذي تمتعت به الحركة في المراحل السابقة حيث كانت تتخندق مع المطالب الديمقراطية، وفي نفس الوقت تتغلغل في مؤسسات الدولة وتشارك في التسيير ولو بقدر محدود.