هو الآن طريح الفراش إلا من نظرات متعبة لجسد منهار وعاجز تدل على أن هذا المتمدد كان رجلا بصلابة الجبال. لكن بين من كان وبين من هو ممدد الآن على فراش القش ينتظر زائره الأخير، تبقى قصة القهر عنوانا لتاريخ مضطهد تم احتكاره وتوجيهه ليرفع من شاء ويخوّن من أراد.حكايته بسيطة وأبسط منها صدفة حينما جمعتني به بقاعة كانت تضم وجوها يقال إنها صنعت تاريخ الثورة لتصبح هي واجهتها في اعترافات جهاد وضعت على مقاس الولاء والعشيرة والانتماء. ولأنه كان مجهولا بالنسبة إليّ ومعروفا بالنسبة إليهم، فقد علت وجوههم حمرة وامتعاض، لم أفسره إلا حينما راح العجوز الضخم ذو اللحية البيضاء يروي قصة قيل لي بعدها إنه رواها ألف مرة في ألف احمرةب وألف اامتعاضب أصبح مرادفا لظهوره المسبب للإسهال التاريخي الذي يعري اجماعةب نحن التاريخ ونحن االتأريخب وأنا الثورة. قال لهم في جمعهم ذلك إنه لا يطلب منهم مالا ولا جاها، ولكنه يريدهم أن يعيدوا الثورة إلى شهدائها وغلبته دموع العجوز وهو يروي قصة صاحبه الذي استشهد بين يديه بعدما أصابته رصاصات قاتلة ليكون آخر موقف له قبل أن يسلم روحه لبارئها أن قبّل حفنة تراب بدلا من تلاوة شهادة كان قد نالها. العجوز ذو اللحية البيضاء والذي يعرفه ويعرف جهاده واستشهاد صاحبه الكثيرون، قال لهم إن عشت العام المقبل فسأروي لكم القصة نفسها وسأطالبكم بحق التاريخ في أن يخرج من المقصلة التي قطعت رأسه حينما فصلته على مقاس البعض فقط.