- على الفنان تقديم التاريخ كما يتصوره وليس بناء على رؤية المؤسسات الرسمية ناقش المحاضرون في ختام الملتقى العلمي "الكتابة المسرحية في الوطن العربي بين الاقتباس والاستنبات والترجمة" أمس، جملة من المحاور من بينها "آليات الكتابة المسرحية المعاصرة"، وطرحوا فيها مواقفهم من هذا الموضوع. واعتبر الناقد حسن الكيلاني في مداخلته "توظيف الحكاية التاريخية في المسرح الجزائري"، أن تعاطي الكاتب المسرحي مع التاريخ يجب أن يكون فيه الصدق الفني والحماس بعيدا عن الصدق التاريخي كون المسرح لا يعمل بالحقائق ولكنه يهمه التأثير. وطرح مجموعة من الأسئلة أبرزها "هل على الكاتب إعادة التاريخ كما هو أم له الحق في الإضافة والتصرف"، وتوصل إلى أن المسرح العربي تعاطى كثيرا في بداية تأسيسه مع التاريخ لأسباب كانت سياسية وأخرى تتعلق بعجز المؤلف عن بناء تصور مسرحي، غير أن الواقع، حسبه، ليس مؤرخا لكن من حقه أن يقدم التاريخ كما يراه هو وليس كما تراه المؤسسات الرسمية. وللتوضيح أكثر، اختار المحاضر إحدى المؤلفات الجزائرية التي لم يكتب لها أن تجسد على خشبة المسرح ويتعلق الأمر ب "بئر الكاهنة" للمؤلف محمد واضح التي تناول فيها "الأزمة البربرية في الجزائر"، وطرح فيها علاقة البربر بالمسلمين، حيث وظف المؤلف هنا التاريخ ولم يكتبه كما هو، وذلك بإسقاطه على الواقع المعاش. ورأى المحاضر أن الكثير من المسرحيات التاريخية ليس لها وظيفة لأنها لا تقدم قيما بقدر ما تحكي حكايات للمتلقي. ومن جانبه، قال الدكتور اللبناني مصطفى مشهور في مداخلته "دور الارتجال في توليد دراما النص المسرحي في الكتابة المعاصرة"، إن الكتابة المسرحية هي الأكثر التصاقا وتعبيرا عن الوضع البشري وإن إعادة الاعتبار للنص المسرحي من صميم رد الاعتبار للنص الدرامي، متوقفا عند إشكاليات النص المسرحي أمام تطور الصورة. وأكد على خاصية الارتجال المسرحي التي تعطي انطلاقة في التحليل بواسطة الجسد والحركة والصوت، معتقدا أنه لم يعد هناك ضرورة للنص المسرحي التقليدي مما يفرض تهديم بنتيه القديمة واستخلاص أخرى جديدة تواكب العصر. من ناحية أخرى، أوضح الأستاذ الأردني فراس الريموني في مداخلته "المسرح الكاريكاتوري ولوحة النص"، أن مسألة هامة ترتبط بانصراف الجمهور عن المسرح أمام العروض التي أصبحت لا تلبي رغبة المشاهدة لديه، حيث صار المسرحيون يقدمون أعمالا لأنفسهم؛ مما يفرض بعث مسرح جديد يليق بالمتغيرات السياسية والاجتماعية الحاصلة وأسماه ب"المسرح المرن" الذي من شأنه مواكبة وملاءمة متطلبات المجتمع بعيدا عن تكرار النصوص القديمة. وهنا اقترح المحاضر الخروج من دائرة النص الأدبي إلى اللوحة "الكاريكاتورية" التي توسع أفق الفكر وتتجاوز كل الحدود وتعمل على تنوير الفكر. وهذه اللوحة، حسبه، هي وليدة الأزمات ومروضتها، إذ تستجيب لكل المواضيع وتكشف كل الحقائق وتسخر من جميع الأقنعة وتعري "الطابوهات" السياسية، وفق تعبيره.