أدت الأعطال التقنية في ماكينات إنتاج الإسمنت بالمؤسسة العمومية للإسمنت ومشتقاته في الشلف الى أزمة حقيقية في المادة وحدوث اضطرابات غير متوقعة في السوق في ظل ارتفاع الأسعار وتزايد حجم الطلب على المادة الإستراتيجية في الفترة الأخيرة التي تتزامن مع تكاثر ورشات البناء لدى الخواص في فترة الصيف. وحسب المعلومات المتوفرة ل"البلاد"، أن المصنع الذي يزود اكثر من 10 ولايات بقدرة انتاجية تزيد عن 2.5 مليون طن سنويا عرف شلا غير مسبوق في الانتاج بسبب إغلاق جزئي لبعض أفرانه التي دامت عدة أشهر، مما ولد ضغطا على المصالح التجارية بالمصنع طلبا في الحصول على كميات من الإسمنت خصوصا إقبال العشرات من المقاولين والمتعاملين الاقتصاديين مع هذه المؤسسة. وأرجع أحد المسؤولين هذا التوقف الاضطراري إلى حاجة المؤسسة إلى تحديث وصيانة معدات الإنتاج لمضاعفة القدرة الإنتاجية من حصة 3500 طن يوميا الى أكثر من 5 آلاف طن يوميا، معترفا بأن إقدام المؤسسة على إغلاق الخطين الإنتاجيين لإصلاح العيوب الفنية التي طرأت على الأفران، تسبب في اضطرابات كبيرة في السوق وأحدث خللا في العرض والطلب في ظل تزايد الإقبال على المادة ونقص هذه الأخيرة في السوق. وكانت لهذه الاضطرابات الكبيرة تأثيرات سلبية على مشاريع التنمية المحلية التي توقفت عن الأشغال لندرة الإسمنت وعدم توفرها على مستوى المصنع وعدم قدرة المقاولين الحقيقيين على التجاوب مع الأسعار التي فرضتها شبكات المضاربة في السوق الموازية من خلال رفع سعر السند الواحد من قيمة 13 مليون سنتيم لحمولة 20 طنا الى حدود 24 مليون سنتيم في ظل استغلال عدد معتبر من المضاربين ذات المشاكل الفنية التي تعرفها المؤسسة لتحقيق الربح السريع وإدامة أزمة الإسمنت في المنطقة بعيدا عن أعين المصالح الرقابية خصوصا القطاع الضريبي الذي يتهاون في المتابعة والتحقيق في شبكات بارونات المضاربة. في هذا السياق، رفع العديد من المقاولين العاملين في مجالي السكن والتربية أصواتهم لحل إشكالية الندرة التي اضطرت بعضهم إلى شراء باقي الكميات من المضاربين لإتمام مشاريع عمومية حصلوا عليها مخافة وقوعهم في مشاكل مع الجهات الوصية صاحبة المشاريع التي تفرض عليهم إتمام الأشغال في آجالها المحددة أو قطع الطريق عليهم في مناقصات مفتوحة جديدة تخص إنجاز مشاريع سكنية وتربوية، مع العلم أن أسعار الإسمنت تتراوح بين 18 و20 مليون لحمولة 20 طنا لدى تجار مواد البناء، وهي زيادات فاحشة لم تحفز أصحاب المشاريع الخاصة على مواصلة الأشغال لعدم قدرتهم على مقاومة الأسعار الخيالية للإسمنت. من جهة أخرى، يعرف مشروع الخط الثالث لرفع القدرة الإنتاجية للمصنع تأخرا غير مبرر على الرغم من إبرام اتفاقية الإنجاز منذ 3 سنوات تقريبا بين مؤسسة الإسمنت والشركة الفرنسية "فايف أف سي بي" التي فازت بالمناقصة التي أعلنها المجمع الصناعي لإسمنت الجزائر وقدرت قيمة الصفقة بمبلغ 37 مليار دينار.