يشهد سوق مواد البناء في ولاية الشلف حالة من الارتفاع غير المبرر في أسعار الحديد والاسمنت، جعلت الجميع يضجون بالشكوى، خاصة أن سوق العقارات يعاني من حالة ركود منذ سنوات، الأمر الذي دفع عددا من المقاولين للتحذير من عواقب الارتفاع الجنوني لأسعار تلك المواد على سوق البناء، وكذا المطالبة بتعويض المقاولين عن خسائرهم الفادحة. وأرجع بعض المراقبين ارتفاع سعر الكيس الواحد لمادة الاسمنت بالشلف بحمولة 50 كلغ إلى 800 دج، إلى احتكاره من قبل المضاربين الذين باتوا يتحكمون في المادة ويسيطرون على طريقة تسعير العرض من دون رقابة. ورصدت مصادر ''البلاد''، زيادة جنونية لسعر الاسمنت وصلت إلى 30 مليون لحمولة 20 طنا، خلال اليومين الماضيين، وهو ارتفاع غير مسبوق، حيث تضاعف سعر الكيس الواحد من قيمة 500 دج إلى 800 دج بفارق 300 دج في سوق المضاربة الفاحشة، مقابل نحو 20 مليون سنتيم كفارق بين السعر المرجعي لدى المصالح التجارية بمصنع اسمنت الشلف وما هو متداول في المقاهي غير البعيدة عن هذا المصنع، التي صارت تمثل نموذجا حيا للسوق الموازية دون منافس. هذا الارتفاع الذي لم يجد له المقاولون أي تفسير، دفع بهم إلى التحذير من ارتفاعات أخرى خلال الاشهر المقبلة، خاصة في حالة زيادة معدلات الطلب. وأضافوا ل ''البلاد''، أن الأمر يتطلب تدخلاً حكوميا للحيلولة دون احتكار مافيا الاسمنت والقطاع الخاص لسوق هذه السلعة الاستراتيجية والتحكم في أسعارها، بل اقترحوا تأسيس شركة تسويق تستهدف إحداث توازن بين العرض والطلب، وتقضي على أية مضاربات لرفع الأسعار، خاصة في ظل التراجع الحاد في كميات الاسمنت بمصنع الشلف الذي يعد واحدا من أهم مصانع الاسمنت في الجزائر وإفريقيا، إذ اضطرت إدارته لتوقيف تقني لبعض أفرانه إلى غاية شهر مارس الداخل، على اعتبار أن العملية ستدوم 40 يوما، لأسباب أوعزتها ذات الإدارة لأشغال إعادة تحديث أفران المصنع تولت عمليتها شركات أجنبية ووطنية من أجل الحفاظ على القدرة الانتاجية للمؤسسة العملاقة التي تخصص نسبة 34 بالمائة من منتوجها لفائدة ولاية الشلف في حين تزود 21 ولاية ببقية قدرتها الانتاجية. في السياق نفسه، أشار بعض المقاولين، إلى أن السعر العادل للأسمنت يجب ألا يتجاوز 12 مليون سنتيم لحمولة 20 طنا و250 دج للكيس الواحد، وقال أحد المقاولين إن بعض زملائه أصبحوا يتعاقدون على مشروعات صغيرة تستغرق مددا زمنية لا تزيد عن 4 أشهر على الأكثر، حتى لا يرتفع سعر الخامات الأساسية، مما أدى إلى الابتعاد عن الورشات الطويلة الأجل خوفا من الخسائر الفادحة. وعن مدى تأثير ارتفاع أسعار مواد البناء على تكلفة المنشآت، أشار اتحاد المقاولين بولاية الشلف في بيان تسلمت ''البلاد '' نسخة منه، إلى أن طبيعة المنشأة هي التي تحدد تأثير ارتفاع هذه المواد على السعر النهائي للمنتج، فمثلا زيادة أسعار الاسمنت والحديد تؤثر في قطاع الوحدات السكنية بنسب تتراوح ما بين 6 و7 % من تكلفتها، لأن هذا القطاع تستخدم فيه هذه المواد بدرجة أقل من عناصر أخرى مثل السيراميك والبويات وغيرها. هذا القفز الجنوني لسعر مادة الاسمنت في الشلف والولايات المجاورة على غرار غليزان، عين الدفلى، تيسمسيلت وتيارت، دفع اتحاد المقاولين إلى القول، إن ''الشركات ستفقد توازنها بنسبة 90%، في حال استمرار الزيادة في أسعار الاسمنت وعدم تدخل الجهات الوصية لمعالجة الأسباب وبالتالي عودة الأسعار إلى معدلاتها الطبيعية المعروفة''.