الشعب السوداني يلتف حول الرئيس البشير أعلن السودان رفضه التام لقرار المحكمة الجنائية الدولية القاضي بإصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس عمر حسن البشير لمحاكمته بتهمة التورط في ارتكاب "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" في إقليم دارفور. * واعتبرت السلطات السودانية في موقفها أمس الأربعاء، إصدار مذكرة التوقيف "تعديا سافرا على سيادة السودان وتدخلا ماكرا في شؤونه الداخلية".وكذلك هي جزء من خطة للاستعمار الجديد. * ويأتي ذلك فيما خرج السودانيون عقب صدور المذكرة إلى الشوارع معبرين عن غضبهم الشديد إزاء هذه المحكمة وإزاء قرارها الجائر. كما نددوا بالمدعي العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو.. * ولم تقتصر المظاهرات المؤيدة للرئيس البشير على العاصمة الخرطوم، بل امتدت إلى مختلف المناطق وحتى في الجنوب أعلنوا تضامنهم ورفضهم لقرار المحكمة. * وعلى خلاف هذه المظاهرات الشعبية الرافضة لقرار المحكمة الجنائية، استغل عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان المتمردة في دارفور هذه الفرصة ووصف القرار بأنه "نصر كبير لضحايا السودان ودارفور". على حد تعبيره.. وعلى مستوى المواقف الرسمية، ذكر مصطفى عثمان إسماعيل، مستشار الرئيس أن "هذا القرار هو بالضبط ما كانت تتوقعه الحكومة السودانية من المحكمة التي أنشئت لاستهداف السودان وكي تكون من الآليات الجديدة للاستعمار الحديث"، مضيفاً أن استهداف السودان لم يبدأ اليوم.. * وقال وزير الدولة السوداني للشؤون الخارجية علي احمد كرتي خلال مؤتمر صحافي في القاهرة إن السودان يعلن رفضه التام لقرار المحكمة الجنائية الدولية، لان السودان ليس عضوا فيها وليست للمحكمة ولاية على السودان. وأكد الوزير التزام حكومة بلاده باتفاق السلام للعام 2005 الذي أنهى الحرب الأهلية مع الجنوب، "وغيره من الاتفاقيات، والتزامها بالحصانة والامتيازات الخاصة بالمنظمات الدولية والإقليمية والسفارات الأجنبية. * وفي تحد لقرار المحكمة، كشف علي احمد كرتي أن الرئيس عمر البشير سيحضر قمة الدوحة العربية ويقوم بمهامه وواجباته. * ومن جانبه، وزير العدل عبد الباسط سبدرات أكد في تصريح أن بلاده "لا تتعامل" مع المحكمة الجنائية الدولية، معتبرا قرارها سياسيا. وقال: "قرارنا واضح، لم نسلم احمد هارون ولم نسلم علي كوشيب، لا نتعامل مع هذه المحكمة، لا يمكن لأنهم أصدروا الآن مذكرة بحق البشير أن نتعامل معها، لأنها لا اختصاص ولا ولاية لها". * وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق وزير الشؤون الانسانية السوداني احمد هارون وأحد قادة ميليشيات الجنجويد المؤيدة للحكومة علي كشيب في أفريل 2007 بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور. ورفضت الخرطوم تسليمهما، لأنها ترفض أي سلطة للمحكمة الجنائية عليها. وقالت المتحدثة باسم المحكمة الجنائية الدولية في مؤتمر صحفي عقدته ظهر أمس الأربعاء، في مدينة لاهاي الهولندية، إن المحكمة رأت أن الرئيس البشير يتحمل المسؤولية المباشرة، وكذلك المسؤولية الجنائية التضامنية باعتباره رئيسا للبلاد، والقائد الأعلى للقوات المسلحة عن هذه التهم. وأشارت المتحدثة إلى أن الرئيس السوداني يواجه سبعة اتهامات، خمسة منها تتعلق بجرائم حرب واثنتان بجرائم ضد الإنسانية. وقال المدعي العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو الاثنين، بأنه إذا أصدر قضاة المحكمة مذكرة توقيف بحق الرئيس البشير "فسيتم اعتقاله عند تجاوزه حدود السودان". * وكان السفير السوداني في بلادنا أحمد حامد قد حذر في حوار ل "الشروق اليومي" من تداعيات خطيرة قد تنجم عن قرار المحكمة الجنائية الدولية. * ويأتي قرار المحكمة في الوقت الذي تجري الحكومة السودانية محادثات مع حركات التمرد في إقليم دارفور، حيث يرتقب تواصل المباحثات خلال الأسبوع القادم. * * السودان يدين قرار المحكمة الدولية ويرفض الاعتراف به * أعلن السودان إدانته للقرار الذي أصدرته محكمة الجنايات الدولية واعتبره "قرارا سياسيا وكيديا وجائرا". * وقالت سفارة السودان في الجزائر، في بيان لها تلقت "الشروق اليومي" نسخة منه، إن هذا القرار لا يعني السودان "لأنها ليست طرفا في الميثاق المؤسس للمحكمة التي تتحمل دون أدنى شك المسؤولية كاملة عن كل تداعيات قرارها"، حيث أكدت استعداد السودان "للدفاع عن نفسه ومواصلة الجهود الحثيثة مع الأشقاء والأصدقاء لإجهاض هذه المؤامرة ووأدها في مهدها"، وكذا "التعامل بكل المسؤولية والحكمة والحزم مع كل المستجدات وحفظ النظام والاستقرار، متمسكا بمبادئه وخياراته الإستراتيجية الواضحة والمتمثلة في تحقيق السلام في كافة ربوع السودان ودارفور على وجه الخصوص عبر الحوار والتفاوض". * * وزراء الخارجية العرب يدعون لفك حصار غزة ويتضامنون مع السودان * جدد الوزراء العرب تضامنهم مع السودان، وجاء في البيان الختامي تأكيد تضامن العرب مع السودان "لمواجهة كل ما يستهدف النيل من سيادته وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه وكل ما يهدد جهود السلام الجارية لإنهاء الصراع في دارفور". * ووصف الوزراء طلب المدعي العام للمحكمة الدولية مورينو أوكامبو بأنه "محاولة تسييس مبادئ العدالة الدولية"، محذرين من "الآثار الخطيرة التي تهدد عملية السلام الجارية في السودان جراء أي قرار تصدره الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية في حق البشير". * * الاتحاد الإفريقي يرفض القرار * أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي جان بينغ أن مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير "تهدد السلام في السودان". * وقال بينغ: "يهمني أن أوضح أولا أن موقف الاتحاد الإفريقي هو أننا مع مكافحة الإفلات من العقاب، ومن غير الوارد لدينا ترك مرتكبي الجرائم من دون عقاب، لكننا نقول إن السلام والعدالة يجب ألا يتعارضا، وأن مقتضيات العدالة لا يمكن أن تتجاهل مقتضيات السلام"، مؤكدا أن قرار المحكمة الجنائية الدولية "يهدد السلام في السودان". كما سبق لدول الاتحاد الإفريقي أن أعلنت هذا الموقف مرارا. * * روسيا تصف القرار ب"السابقة الخطيرة" * وصف المندوب الخاص للرئيس الروسي لشؤون السودان، ورئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الفدرالية الروسي ميخائيل مارغيلوف، قرار المحكمة الدولية الخاص باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير بأنه سابقة خطيرة في العلاقات الدولية. * وقال مارغيلوف في تصريح لوكالة نوفوستي إن هذا القرار قد ينعكس سلبيا على الوضع داخل السودان، وعلى الوضع الإقليمي بشكل عام. كما أعرب مصدر في وزارة الخارجية الروسية أمس، عن قلق موسكو من احتمال توتر الوضع في السودان نتيجة صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن اعتقال الرئيس السوداني. * * باريس تدعو الخرطوم إلى "التعاون الكامل" مع المحكمة الجنائية الدولية * أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إيريك شوفالييه، أمس، أن بلاده تدعو السودان إلى "التعاون الكامل" مع المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير. * وقال المتحدث إن فرنسا "تدعو بإلحاح السودان إلى التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية من أجل تنفيذ القرارات التي أصدرها القضاة، طبقا لموجبات قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1593". كما أضاف أن "محاربة الإفلات من العقاب هي أمر لا يمكن فصله عن السعي إلى إحلال السلام في دارفور، كما في سائر أنحاء العالم"، مشددا على أن باريس "مصممة على مواصلة جهودها الرامية إلى التوصل إلى تسوية سياسية". وأكد المتحدث أنه "لن يكون هناك من حل لأزمة دارفور إلا الحل السياسي". * * واشنطن ترحب بالقرار * من جهتها، رحبت الحكومة الأمريكية بالمذكرة، مشيرة إلى انه يجب إحضار من يرتكب "البشاعات" أمام العدالة. * وقال روبيرت وود، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن "الولاياتالمتحدة تؤمن بأن الأشخاص الذين يرتكبون البشاعات يجب أن يمثلوا أمام العدالة". * وأضاف وود الذي يرافق وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في زيارتها للشرق الأوسط أنه يجب تجنب أي أعمال عدائية ضد المدنيين أو المصالح الأجنبية في السودان، وأن هذه الاعتداءات لن يتم التغاضي عنها. * * ملاحقون من طرف المحكمة الجنائية * الرئيس السوداني عمر البشير: الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء، مذكرة توقيف في حقه بتهمة جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب، هو اول رئيس تصدر هذه المحكمة مذكرة توقيف بحقه ورابع رئيس يلاحقه القضاء الدولي وهو في السلطة. * - تشارلز تايلور: اتهم الرئيس الليبيري في مارس 2003 بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب الأهلية في سيراليون التي ادت الى مقتل 120 الف شخص بين 1991 و2001. * وكان تايلور الذي انتخب رئيسا في 1997، استقال في أوت 2003 وانتقل للاقامة في المنفى في نيجيريا، حيث اعتقل في مارس 2006. وهو يحاكم منذ جوان 2007 امام المحكمة الخاصة بسيراليون. ويفترض ان تنتهي محاكمته التي انتقلت من فريتاون الى لاهاي لاسباب امنية، في نهاية السنة الحالية. * - سلوبودان ميلوشيفيتش: اتهمت محكمة الجزاء الخاصة للنظر في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش في ماي 1999 بارتكاب جرائم ابادة وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في البوسنة وكوسوفو وكرواتيا بين 1991 و1999. وسلم إلى المحكمة في جوان 2001. وتوفي ميلوشيفيتش في 11 مارس 2006 في سجنه، بينما كانت محاكمته جارية منذ فيفري 2002 في لاهاي. * - ميلان ميلوتينوفيتش: وجهت المحكمة رسميا في ماي 1999، الاتهام لرئيس صربيا من كانون ديسمبر 1997 الى ديسمبر 2002. وقد استسلم لمحكمة الجزاء الخاصة للنظر في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة في جانفي 2003. ومثل الحليف السابق لسلوبودان ميلوشيفيتش مع خمسة متهمين آخرين من جويلية 2006 الى أوت 2008 امام المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية خلال حرب كوسوفو (1998-1999). وكان المدعي طلب الحكم عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين عشرين عاما ومدى الحياة، تمت تبرئة ميلوتينوفيتش في 26 فيفري وحكم على المتهمين الآخرين بالسجن بين 15 و22 عاما..