المحرر الثقافي لمجلة ''المستقبل'' الباريسية الشهيرة، علي بن عاشور- وهو صديق كبير للروائي الطاهر وطار- تم اغتياله بالطريقة نفسها التي اغتيل بها أحد كوادر الجناح العسكري لحركة حماس محمود عبد الرؤوف المبحوح قبل نحو 20 عاما ومن الجهات نفسها أي جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)! وهذا الكلام أنشره لأول مرة بناء على إلحاح من العائلة بعد كل هذا الصمت الذي دام سنوات وهذا بعد أن تأكدت من هذه الحقيقة. فقد أصدر صديقنا سعدي بزيان كتيبا حول الصحفي الجزائري بحكم معرفته الشخصية له بعد أن عرفه في باريس، ولكن ما كتبه سعدي حول ظروف وفاته وكانت يومية ''الخبر'' الوحيدة التي نقلت الخبر بناء على شهادة أحد الزملاء لم يكن صحيحا. فعلي لم يقض نحبه في حادث سير في تونس العاصمة كما تقول الرواية، وإنما تعرض لنفس ما تعرض له المبحوح في اليوم الثالث من إقامته بتونس بأحد الفنادق الكبرى. بعد أن انتقل إلى هناك من باريس لملاقاة زوجة الرئيس التونسي لحبيب بورفيبة التي كانت تربطه بها علاقات شخصية. الصحفي علي بن عاشور، وهو مثقف من الطراز الأول بشهادة كل من عرفوه وقرأوا له، كان مناضلا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وكان ينسج علاقات متشابكة مع عدد من رموز النضال الفلسطينيين وهو أحد الذين صاحبوا المناضل الجزائري محمد بودة الذي دوخ الاستخبارات الإسرائيلية، وتعرض علي لعملية اغتيال في باريس بواسطة سيارة مفخخة في صباح أحد الأيام بعد أن نام ليلته معه في شقته. وعندما يغتال اليوم أحد الكوادر المسلحة في حركة المقاومة في دبي، كما حدث مؤخرا، فإن ذلك يمثل مسلسلا قديما في تاريخ الموساد الإسرائيلي الذي يعمل في الدول العربية باستخدام جميع الأسلحة. فإذا كانت دبي، كمركز عالمي للمال والأعمال، عرفت مقتل المبحوح بواسطة الصعق الكهربائي ثم الخنق في أحد الفنادق، فإن تونس عرفت أيضا اغتيال رمز كبير بحجم أبو جهاد خليل الوزير، الخليفة المحتمل لياسر عرفات، وأحد الذين أوقدوا نار الانتفاضة. ولكنها، أي تونس، عرفت مقتل صحفي جزائري كبير بالأدوات نفسها وللأسباب نفسها، مع فارق مهم هو أن السياسي قد تطبل له الأبواق فتصل أخباره إلى الجميع، في حين أن الصحفي خاصة إذا كان في الغربة قد يهدر دمه دون أن يسمع به أحد على طريقة كلب (عربي) مات في الزبالة، كما يقول المثل!