قال خبير الشؤون الاقتصادية عبد الرحمان مبتول، أمس، إن الاقتصاد الوطني الجزائري سيتأثر جراء تدني قيمة الأورو مقابل الدولار، بسبب تداعيات أزمة الديون اليونانية على المنطقة الأوروبية، بالنظر للعلاقات الاقتصادية التي تربط الجزائر بدول الاتحاد الأوروبي، وتنفيذا لبنود اتفاق الشراكة من جهة وتبعا للعلاقات التاريخية في المجال التجاري التي تميز دول ضفتي المتوسط من الجهة المقابلة. وأوضح المتحدث في اتصال مع ''البلاد''، أن التدهور الذي شهدته العملة الأوروبية الموحدة جراء الأزمة في اليونان، سيف ذو حدين بالنسبة للاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أنه يعتبر إيجابيا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن 60 بالمائة من قيمة الواردات الجزائرية مصدرها دول الاتحاد الأوروبي، وعلى هذا الأساس فإن تراجع قيمة الأورو من شأنه تخفيض قيمة فاتورة الواردات نظرا لانخفاض أسعار المنتوجات الأوروبية. وينعكس هذا المبدأ مباشرة على التقييم الإجمالي للميزان التجاري، وكذا نفقات الخزينة العمومية في مجال تغطية حاجيات السوق المحلية، بالإضافة إلى ذلك فإن انخفاض أسعار المنتوجات المستوردة يؤثر أيضا على أسعار تلك السلع على مستوى تداولاتها في السوق المحلية تطبيقا لمبدأ العرض والطلب. وبالموازاة مع ذلك، أكد عبد الرحمان مبتول أن تدني قيمة العملة الأوروبية له سلبيات قد تمتد إلى الاقتصادات التي تعتمد أنظمتها بالدرجة الأولى على المحروقات. كما هو الشأن بالنسبة للجزائر التي تمثل المواد الطاقوية 95 بالمائة من صادراتها، الأمر الذي يفسر الانخفاض السريع لأسعار النفط إلى ما دون 70 دولارا في وقت كانت قد فاقت حاجز 83 دولارا قبل بضعة أيام، فضلا عن ذلك فقد أشار محدثنا إلى تأثر قيمة احتياط الصرف الخارجي الموجود على مستوى البنوك الأوروبية. وفي سياق ذي صلة، ذكر خبير الشؤون الاقتصادية، أن هذه الانعكاسات ظرفية تظهر على المدى القريب، ليشدد بأن الحل الأبرز للنهوض بالاقتصاد الوطني وتطويره يتمثل في المقام الأول بالتخطيط للنظام الاقتصادي على المدى المتوسط والطويل إلى آفاق 25 سنة في ظل استيراتيجة واضحة الأهداف والمعالم، قصد الخروج من الاقتصاد المبني على الريع والتبعية للمحروقات نحو الأنشطة البديلة من خلال تدعيم المؤسسات وتشجيع المشاريع والكفاءات. وفي هذا الإطار، انتقد مبتول الإجراءات الاقتصادية التي لجأت إليها السلطات مؤخرا، والتي وردت في نصوص قانون المالية التكميلي للسنة الماضية وقانون المالية للعام الجاري، مشيرا إلى أنها لم تتماش مع التحولات الاقتصادية العالمية، حيث قال إنه لم يبق في العالم سوى دولة واحدة لا تزال منغلقة على نفسها، هي كوريا الشمالية، وأضاف المتحدث أنه كان من الأولى للسلطات العمومية الوصية اتخاذ الإجراءات التي من شأنها تدعيم تنافسية المؤسسات الجزائرية العمومية والخاصة، بدلا من اللجوء إلى ما اعتبره ''سياسة الدولة خلال فترة السبعينيات''، ليستدرك بالقول، إن التدابير المتعلقة بتنظيم الاستثمار وتحديد السلع المستوردة يمكن تبريرها إذا أخذنا بالاعتبار أنها مؤقتة فرضتها الأزمة العالمية والاقتصادية والمالية.