أقامت المدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة في العاصمة أمس، حفلا تكريميا على شرف ''شيخ المناطقة'' الدكتور محمود يعقوبي عن مشواره الحافل في البحث العلمي واعتنائه بالفلسفة التي كان له الفضل في تعريبها بعدما كانت تدرس باللغة الفرنسية عقب الاستقلال. وبدا الدكتور المكرم سعيدا بهذه اللفتة التي حضرها أصدقاؤه، كما أسماهم، وفي مقدمتهم وزير الشؤون الدينية والأوقاف أبو عبد الله غلام الله ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى الشيخ بوعمران ورئيس المجلس الأعلى للغة العربية، العربي ولد خليفة، إلى جانب أساتذة الفلسفة وطلبة المدرسة. واعتبر ''شيخ المناطقة العرب''، كما يلقبه أساتذة الفلسفة في الجزائر، أنه لم يكن ينتظر تكريما ولا شكرا من أحد، ذلك أن إسهاماته ومؤلفاته في مادة المنطق التي تخصص فيها كانت، حسبه، تجربة ''تحد'' نجح من خلالها في زرع حب مادة الفلسفة لدى الطلبة وبلغة الضاد دون معاداة الفرنسية. كما أكد صاحب ''الوجيز في الفلسفة'' أن دراسة مادة الفلسفة في الجزائر تعد هامشية مقارنة بالمواد الأخرى على غرار اللغة الفرنسية، وذلك بالنظر إلى قلة الوسائل الموجودة لتعليمها. وهنا دعا الدكتور جميع طلبة الفلسفة إلى الاهتمام أكثر بهذه المادة بدل النفور منها، مشيرا إلى أنه قضى عمره كاملا يشرح ويوضح مضامينها دون أن ينسب إليه لقب الفيلسوف أو العالم بالرغم من الجهد الكبير الذي بذله في ترجمة كتب الفلسفة باللغة الفرنسية إلى العربية، كما جاء على لسانه. وفي كلمه له بالمناسبة، أثنى وزير الشؤون الدينية أبو عبد الله غلام الله على مسيرة الدكتور محمود يعقوبي الحافلة بالنجاحات، متحدثا عن العلاقة الشخصية الطيبة التي جمعتهما على مدار سنوات عديدة من خلال الدراسة في الجزائر و''جامع الزيتونة'' بتونس ودمشق؛ أين لاحظ ذكاءه الخارق والتزامه وحرصه على تحصيل العلم والمعرفة ''يعقوبي كان متفوقا علينا وكنت أعود إليه لحل المسائل الرياضية الصعبة''. وبدوره، كشف الشيخ بوعمران أنه أحد خريجي المدرسة العليا للأساتذة التي قام فيها رفقة الدكتور يعقوبي بفتح قسم مادة الفلسفة باللغة العربية إلى جانب قسم بالفرنسية قبل أن يقوم يعقوبي بإلغاء القسم الفرنسي نهائيا. كما أشاد رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بجهود الدكتور في مجال العلم وما كان عليه من اعتدال وحرصه على الغوص في عالم الفلسفة. أما رئيس المجلس الأعلى للغة العربية العربي ولد خليفة، فناشد مدير المدرسة العليا للأساتذة قلي عبد الله لتعليق لافتة تحمل اسم الدكتور محمود يعقوبي أمام مدخل المدرسة تكريما لهذا المفكر، كما وجه ''لوما بسيطا'' إلى الدكتور المكرم لعدم تبسيطه للفلسفة لعامة الناس، قائلا ''لست أقلل من قيمة إنجازات الرجل ولا أنتقده، لكن هناك أولويات كان لا بد له من مراعاتها''. من ناحية أخرى، نشط أساتذة ومختصون على هامش احتفالية محمود يعقوبي، محاضرات تناولت فكر الرجل من خلال عدة محاور أهمها ''المنطق الفطري في القرآن الكريم'' لديه، و''بناء الإنسان في المشروع الفكري عند الدكتور محمود يعقوبي''، إضافة إلى ''مواقف منطقية لشيخ المنطقيين العرب''.