دأبت بعض الجمعيات الثقافية والاجتماعية بغرداية خلال السنوات القليلة الماضية على تخليد مآثر عدد من العلماء وإحياء مناقب شخصيات المنطقة. وفتحت هذه المبادرات المحمودة مجالا واسعا للتنافس الشريف بين مختلف الهيئات لتكريم رجالاتها وإبراز أعمالهم القيّمة في العديد من المجالات الدينية والدنيوية. في سياق هذا التواصل، تنظّم جمعية الاستقامة بغرداية يوما دراسيا بتاريخ 22 ديسمبر الجاري تخصصه لدراسة فكر الأديب حمود رمضان في الذكرى المئوية لميلاده تحت شعار »وقفة مع تراث النهضة لاستنهاض الهمم«، يتناول فيه الدارسون بالبحث الجوانب الشخصية والفكرية والأدبية لهذا الرجل الظاهرة الذي ثار في وجه الاستعمار الفرنسي وترك إنتاجا أدبيا مرموقا في الشعر والنثر رغم أنه لم يعمّر سوى ثلاثة وعشرين سنة (1906 - 1929). من جانب آخر، أقامت جمعية رياض النغم الأصيل ببلدة مليكة بأعالي بلدية غرداية نهاية الأسبوع الأخير حفلا تكريميا على شرف اثنين وعشرين من رجال القرآن والعلم والتربية الذين أفنوا زهرة شبابهم في تربية الأجيال وغرسوا القيم الفاضلة والمثل السامية في نفوس الناشئة، في حفل بهيج احتضنه نادي النصر بحضور الأعيان وممثلي بعض المجالس المحلية المنتخبة، كان امتنان المكرمين المخضرمين بهذه المبادرة عظيما وامتزج بشعور المنظّمين الشباب بواجب الاعتراف بالفضل، وقد اعتبر محمد باعمارة، رئيس جمعية رياض النغم الأصيل، في حديثه ل "الشروق اليومي" أن »هذا التكريم يندرج في سياق غرس ثقافة العرفان في وسط الأجيال استمرارا للرسالة التي حملها السلف«. تبعا لهذه الأجواء التكريمية، يدور الحديث هذه الأيام عن استعدادات جارية لتنظيم أيام دراسية بمدينة الڤرارة حول فكر المرحوم الشيخ عدون الذي كان تولى رئاسة مجلس عمي سعيد، الهيئة العليا لمساجد وادي ميزاب، وكانت جمعية أنغام الحياة الثقافية بالڤرارة نظمت إلى وقت قريب ملتقى حول فكر الشاعر الدكتور صالح الخرفي صاحب الكثير من الدراسات والبحوث الأدبية والفكرية. من جهتها، أبرزت مؤسسة عمي سعيد مطلع الشهر الماضي الجوانب الدعوية والتربوية والاجتماعية في حياة الشيخ عمي سعيد في ملتقى دولي هام، فيما سجّلت جمعية الإصلاح التربوية الاجتماعية وقفتها مؤخرا عند المحطات البارزة في حياة رئيسها السابق الشيخ حمو فخار. ومن منطلق الوفاء والاعتراف بالجميل، تجد عدة جمعيات نفسها أمام مسؤولية تاريخية تفرض عليها أن تحيي ذكرى عدد آخر من العلماء وشخصيات من مختلف مناطق الولاية، ومن ذلك على سبيل المثال المعلمان المجاهدان الأوائل في الحركة الإصلاحية بغرداية منذ الثلاثينيات وهم صالح بابكر وابرهيم رمضان وابرهيم دادي واعمر الذين زجّ بهم الاستعمار في السجون بسبب مواقفهم الثورية، فضلا عن الشيخ محمد الأخضر فيلالي موفد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين إلى غرداية لنشر العلم إبّان فترة الاحتلال الفرنسي. عبد المجيد رمضان