"ستات اويل" لم تأخذ الاحتياطات اللازمة بعد انتشار الإرهاب في ليبيا ومالي بعد تسريبها مقتطفات منه منذ أيام، نشرت شركة ستايت أويل النرويجية التقرير النهائي الذي أجرته لجنة التحقيق في الهجوم الذي تعرضت له منشأة استخراج الغاز الطبيعي في تيڤنتورين بعين أمناس، شهر جانفي الماضي، والتي تنشط فيها بالشراكة مع كل من شركتي "سونطراك" الجزائرية و"بريتيش بيتروليوم" البريطانية. وأبدى فريق المحققين الذي ترأسه الجنرال المتقاعد في المخابرات النرويجية "تورجير هايغن "، ملاحظات عديدة حول مدى جاهزية طاقم الشركة للتعامل مع هذا الهجوم، حيث كان عيلها مراعاة الكثير من التطورات التي حصلت في الدول المجاورة للصحراء الجزائرية، حيث يتواجد نشاط الشركة، وأهمها الأزمة الأمنية التي تعيشها مناطق واسعة في ليبيا بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي في عام 2011، والتي نتج عنها أيضا تهريب مختلف أنواع الأسلحة الذي ساهم في زيادة التهديدات الإرهابية في المنطقة، ومنها سيطرة الجماعات الإسلامية سنة 2012، على مناطق شمال مالي، والتي جعلت من المنطقة منطلقا لعملياتها. وأكد التقرير أنه من خلال التحقيقات التي أجرتها اللجنة تبين أن الجانب الأمني لم يكن يحظى بالاهتمام الكافي من طرف مسؤولي الشركة، الذين لم يأخذوا بعين الاعتبار تقديرات الشركة منذ دخولها مجال الاستثمار في الجزائر عام 2003، والتي اعتبرتها من "المناطق ذات المخاطر الأمنية الواسعة"، وهو ما يحتم عليها الاستنفار الدائم في مجال الأمن والسلامة، وتعزيز جاهزيتها في مواجهة الهجمات الإرهابية. ومن أجل تجاوز هذه المشكلة، أصدر التقرير توصيات منها الاهتمام الكافي بتسيير الأزمات لفريقها الموجود في الجزائر، وإعداد استراتيجية شاملة في المجال الأمني، بالإضافة إلى تعميق التعاون مع مختلف الأجهزة الأمنية في الجزائر من أجل إيجاد تكامل بين مختلف الإجراءات التي يضعها الطرفان في تأمين المناطق التي تنشط فيها الشركة. إشادة بتعاون الجزائر مع التحقيق أشاد التقرير في الكثير من فقراته بما وصفه بالتعامل الكبير الذي أبدته السلطات الجزائرية اتجاه لجنة التحقيق، حيث أشارت إلى أنها قدمت التسهيلات والمعلومات التي طلبتها، وسمحت لها بزيارة كل من الجزائر العاصمة وحاسي مسعود وموقع الهجوم الإرهابي في تيڤنتورين، والتي تكللت بلقاء مع مسؤولين كبار في وزارة الدفاع، والذين زودوها بمعلومات قيمة، ولم يكشف عن هذه المعلومات، أو عن طبيعتها. الشركة النرويجية تتمسك ب "منجم الذهب" في الجزائر أبدى تقرير شركة "ستات أويل" النرويجية أنها لن تترك الاستثمار في الجزائر، رغم ما ورد بخصوص "التحديات الأمنية" التي تواجهها خلال نشاطاتها بها، حيث كانت تحرص على رفع درجة التأهب الأمني إلى أعلى مستوياته منذ دخولها السوق الجزائرية عام 2003، فقد كشفت الأرقام التي أدرجتها لجنة التحقيق في تقريرها النهائي أنه منذ دخول الشركة للاستثمار في قطاع الطاقة الجزائري ازداد حجم إنتاجها العالمي، أي في الدول الأخرى غير النرويج إلى 7 أضعاف، وهو ما أخذته الشركة بعين الاعتبار من خلال تمسكها بمواصلة النشاط في الجزائر ورفضها مغادرة الجزائر التي تمثل مصدرا كبيرا في مداخيلها، وعدم الإشارة لأي تجميد أو مغادرة للمشاريع في الجزائر، وتركيزها على الآفاق المستقبلية . ويأتي تأكيد التقرير لبقاء الشركة في الجزائر نهاية للجدل الدائر منذ شهور طويلة حول مستقبل تواجد الشركة وشريكتها البريطانية "بي بي"، حيث تداولت تصريحات من مسؤولين في الشركتين عن استبعاد العودة السريعة لهما في حالة عدم امتثال الحكومة الجزائرية لمطالبها. نهاية "حلم" الشركات الأمنية الخاصة ظهر من خلال لجنة تحقيق شركة "ستات أويل" عدم إدراجها أي شرط أو توصية باللجوء إلى الشركات الأمنية الخاصة من أجل تأمين مناطق نشاطاتها، مثلما كان متداولا خلال الشهور الماضية، حيث لمحت الشركتان النرويجية والبريطانية إلى حاجتهما للتعاقد مع شركات أمنية خاصة من أجل توفير أطقم حماية خاصة في الأماكن التي يتواجد فيها عمالها وموظفيها، وهو ما حاولت الجزائر قطع الطريق عليه عبر اعتماد إجراءات أمنية في المناطق الجنوبية وإقامة قواعد جديدة للجيش الوطني الشعبي حول حقول إنتاج البترول والغاز، وهو ما اضطر الشركة إلى قبوله وإعداد خطة أمنية مستقبيلة تتماشى مع هذه المعطيات، حيث أوصت اللجنة بضرورة زيادة التنسيق مع الجيش الجزائري الذي يتولى التأمين الخارجي للمنشآت وعناصر الحماية الداخلية، وزيادة الاتصال بين الطرفين وتبادل المعلومات بشكل دوري. بلمختار.. الشبح الذي يسكن الجنوب خصص تقرير لجنة التحقيق التي عينتها شركة "ستات أويل" النرويجية، جزءا معتبرا لقائد ما يعرف ب "كتيبة الموقعين بالدماء" الإرهابي الجزائري مختار بلمختار، حيث استعرض مختلف المحطات التي مر بها في نشاطاته مع الجماعات المسلحة، واعتبر أن نفوذه قوي جدا في منطقة الصحراء الكبرى، ويمثل أقوى الفصائل الإرهابية التي تشكل تحديا كبيرا لأمن عمالها هناك، وهو ما يجب أن يوضع في الاستراتيجيات الأمنية المستقبلية للشركة، خصوصا مع التهديدات التي أطلقها في الفترة التي تلت الاعتداء والتي هدد فيها الأجانب، لينفذ كذلك هجوما على مصنع "أريفا" الفرنسي في شمال النيجر، مما يدل على أن قدرته على ضرب أهداف أخرى لا تزال مستمرة.