أجبروا على احتوائها وكبح احتجاجات السكن، الشغل والتنمية ^ الداخلية تتخذ إجراءات جديدة لإنهاء الأزمة أجبر بعض الولاة المنصبين حديثا على رأس عدد من الولايات التي تشهد انفجارا اجتماعيا ترجم على شكل احتجاجات، على تحمل أعباء تركة الولاة السابقين، الذين فشل أغلبهم في احتواء الأوضاع لسنوات، حيث يواجه هؤلاء مطالب اجتماعية واسعة النطاق، على رأسها السكن والتوظيف. ويواجه كل من والي العاصمة عبد القادر زوخ ووالي غرداية محمود جمعة ووالي الجلفة وبومرداس وغيرهم من الولاة الذين عينوا في مناصبهم مؤخرا، مسؤولية ثقيلة تركها من سبقوهم على رأس هذه الولايات التي تشهد احتجاجات واسعة بسبب الظروف الاجتماعية المتدهورة ومشاكل السكن والشغل، حيث برمج والي العاصمة الجديد سلسلة من الزيارات إلى عدد من المناطق بعدما اكتفى الوالي السابق بسبع زيارات في سبع سنوات، وينتظر أن يتفقد زوخ المشاريع السكنية خصوصا، والوقوف على مشاكل المواطنين الذين انتفضوا ضد البيروقراطية في الإدارة، متهمين رؤساء البلديات والولاة المنتدبين بخدمة مصالحهم على حساب مصلحة الشعب. كما انتفض المواطنون في ولايات أخرى ضد التهميش والعزلة ورفعوا شعارات مطالبين بالترحيل، وتوفير مناصب شغل إلى جانب التنمية المحلية التي تفتقد إليها مناطق عديدة، ولعل الفيضانات الأخيرة التي خلفتها الأمطار، خصوصا على مستوى العاصمة كانت القطرة التي أفاضت الكأس، بعدما اندلعت على إثرها احتجاجات واسعة لسكان الأحياء القصديرية تطورت بعد تدخل قوات مكافحة الشغب لتصبح معارك باستعمال الأسلحة المحظورة، وتم على إثرها اعتقال عدد من الشباب المشاركين في الاحتجاج. وبالرغم من أن مشاكل الشعب الجزائري تتشابه في العموم، إلا أن العاصمة تتميز بالكثافة السكانية التي تجعل مشاكلها أكبر، والتي يحاول الوالي الجديد زوخ حلها في أسرع وقت ممكن لإطفاء شرارة الاحتجاجات التي أصبحت السيناريو المعهود في الشارع. كما وعد بالقضاء على البيروقراطية في الإدارة ومباشرة عمليات الترحيل إلى سكنات لائقة بمجرد استكمال إنجاز المشاريع السكنية. ولعل ما يحدث الآن في غرداية يعد أكبر امتحان قد يمر به الوالي، بعدما تصاعدت المواجهات بين أبناء المنطقة، واستدعت تدخل قوات الأمن، وأدى ذلك إلى وقوع جرحى وخسائر مادية جسيمة جراء الأفكار المسمومة، وبالدرجة نفسها، وجد والي الجلفة الجديد نفسه في الواجهة أمام المحتجين، ليباشر وعوده بحل جميع المشاكل العالقة كخطوة لتهدئة الوضع. من جهته لم يسلم وزير الداخلية الطيب بلعيز، من انعكاسات الأزمة، حيث سارعت الداخلية إلى إعطاء أوامر لجميع الولاة، خصوصا في المناطق التي تشهدا احتقانا اجتماعيا، بإعداد تقارير مفصلة عما يحدث وتزويدها بآخر الأخبار المتعلقة بالاحتجاجات والمطالب الاجتماعية. كما توعدت المحرضين على الفتنة وأعمال الشغب بعقوبات صارمة، بعد ثبوت وجود رسائل قصيرة تحرض على الفوضى وتدعو إلى الاحتجاج. في السياق ذاته، سارعت الوزارة إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحل مشاكل المواطنين، عن طريق إلزام المسؤولين المحليين في الإدارة باستقبالهم إلى جانب تخصيص الولاة ليوم موحد للاستماع لانشغالاتهم وتظلماتهم، في خطوة للقضاء على البيروقراطية. وبالنسبة لولايات الجنوب الشاسعة التي يصعب فيها التنقل، فقد تم تكليف رؤساء البلديات بالقيام بهذه المهام وإطلاع الولاة عليها. كما تتضمن تعليمات الوزارة إنشاء خلية لمتابعة مدى تكفل المسؤولين بانشغالات المواطنين، وإعداد تقرير مفصل يسلم بصفة دورية إلى المصالح الوزارية. وتأتي هذه الإجراءات في إطار جهود الحكومة لامتصاص غضب الشارع، خصوصا في هذه الفترة الحساسة التي تسبق الانتخابات الرئاسية، والتي يكثر فيها المد والجزر، في محاولة للحفاظ على الاستقرار والهدوء لضمان الجو المناسب لتنظيمها، خاصة وأنها ستمثل الحدث الذي سيشد أنظار العالم.