لا تزال واقعة استشهاد العقيدين سي الحواس وعميروش تطرح الكثير من التساؤلات والقراءات التاريخية التي لم تحسم بعد ظروف ذلك الاستشهاد والأسباب المحيطة بهذه الحادثة التي كتبت اسمي الرجلين في قائمة شهداء الثورة التحريرية دون أن يكتب التاريخ تفاصيلها بدقة. وأمام جملة "السيناريوهات" المطروحة منها ما يتوجه بأصابع الاتهام نحو شخصيات ثورية بارزة وأخرى تنفي التهمة عليهم وتعتبر استشهاد البطلين مجرد صدفة ولم تكن هناك وشاية بهما؛ ويبقى السؤال مطروحا عمن كانت له مصلحة في "تصفية" الشهيدين وإبقاء جثتيهمها في قبو بمقر الدرك الوطني لسنوات دون دفنهما في مقابر الشهداء. وبحلول ذكرى استشهادهما التي تصادف ال29 مارس من كل عام؛ يبقى الحديث عن العقيدين وعن شهداء آخرين سلسلة منقوصة الحلقات بالنظر إلى الغموض والضبابية التي تلف عملية تصفيتهم. ولعل كتبا كثيرة ومذكرات جاءت على ذكر اسم العقيدين في صفحاتها منها ما كتبه الأمين العام السابق ل"حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" سعيد سعدي في مؤلفه "عميروش.. حياة ميتان.. وصية" الذي اتهم فيه الرئيس الراحل هواري بومدين بتصفية العقيد عميروش قائد الولاية الثالثة، بالإضافة إلى ما جاء أيضا في الجزء الأول لمذكرات الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد والذي دون فيها طريقة العثور على رفاة الشهيدين عميروش وسي الحواس، وكيف أمر بإجراء تحقيق حول القضية بعد التعرف والتأكد من هويتيهم. من ناحية أخرى، يقول الباحث في التاريخ الأستاذ رابح لونيسي في حديث ل "البلاد"، إنه من الصعب تبني كل القراءات التي وثقت لعملية استشهاد العقيدين سي الحواس وعميروش، لكنه وفقا لدراسات وأبحاث أجراها؛ توصل إلى أن هناك علامة استفهام كبيرة تطرح حول هذا الموضوع. وحول عدم إصدار الرئيس الراحل هواري بومدين لقرار يقضي بدفن الجثتين، قال محدثنا "بومدين رفض دفن الشهيدين عميروش وسي الحواس لأنه كان يعاني من عقدة اتجاههما فمساره الثوري لم يكن بحجم مسارهما وكان يخشى أن يكتشف الجزائريون أبطالا غيره.. كان يريد أن يصبح هو الرمز الوحيد للبطولة رغم دوره الذي لم يكن كبيرا في الثورة التحريرية". وقال لونيسي أيضا "أنا لا أشكك في وطنية بومدين وله الكثير من المحطات الإيجابية في مساره، لكن دوره الثوري لم يكن بحجم دور عميروش وسي الحواس.. والرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد صدم وأمر بفتح تحقيق حول ملابسات القضية ثم أمر بدفنهما".