تشهد جيجل مطلع كل موسم اصطياف انتشارا للوحات إشهارية على أعمدة الكهرباء والهاتف تمثل ديكورا يوميا لمختلف شوارع جيجل لا سيما المدن الساحلية؛ فمن بني بلعيد شرقا حتى الشاطئ الأحمر بزيامة منصورية ستجد هذه اللوحات الإشهارية مكتوب عليها كراء المنازل مع رقم هاتف في العادة يكون لسمسار يوصلك لبيت القصيد، أين يتم استئجار منزل لليلة الواحدة من 4000 دج حتى 10000 دج حسب الحالة والتفاوض الذي يحصل بين المستأجر والسمسار. وقد كان وراء انتشار هذه الظاهرة عدة أسباب من بينها أن العائلة الجزائرية تفضل الحرمة والاستقلالية، وهما مطلبان تجدهما في الشقة ولا تجدهما في الفندق، بالإضافة إلى أن الشقة توفر لك جوا عائليا عكس الفندق. ويبقى عدم توفر فنادق مستوعبة لمختلف التدفقات السياحية من أهم أسباب بروز الظاهرة وانتشارها وهو ما كان له انعكاسات، سواء على المؤجر أو المستأجر، وهنا سوف تجد فئة أخرى ضحية لهذه الممارسات هي مستأجر الشتاء ومستأجر الصيف، وبين كاري الشتاء والصيف كلام كثير. كراء المنازل للتصييف بجيجل تشرد مئات العائلات لقد أدت الأسباب التي ذكرناها آنفا إلى بروز ظاهرة لها أبعاد إنسانية خطيرة؛ حيث كراء شقة بثلاث غرف في شهرين فقط وبأضعف سعر متداول في السوق وهو 4000 دج لليلة الواحدة سوف يوفر لصاحب الشقة حوالي 240000 دج وهو مبلغ جعل الكثير من الجواجلة يكرون منازلهم للصيف؛ وهنا سوف تجد صنفين من الشقق، الأولى صاحبها لا يقطن فيها في هذه الحالة تجد صنفين من الكراء كراء الشتاء وكراء الصيف، في الشتاء يبدأ الكراء من انتهاء موسم الاصطياف إلى بدايته سوف يجد الكاري نفسه مضطرا للكراء هذه الفترة على أن يخرج مع انطلاق موسم الاصطياف؛ ليجد نفسه مع أسرته في الشارع أو في رحلة البحث عن مكان بأي ثمن وبأية وضعية "يخبي فيه راسو" وإلا سيكون مضطرا لدفع مبلغ كل ليلة مضروب في موسم الاصطياف والنتيجة حدث ولا حرج. وهي القضية التي أكدها لنا الكثير من الضحايا، فهذا "عمار. ب" اضطر السنة السابقة إلى كراء 60 يوما في المنزل الذي قطنه طول السنة بمبلغ الاصطياف. وغيره كثير. للإشارة، فإن هذه الظاهرة شردت المئات من العائلات لأن معظم "الكراية بجيجل" يشتغلون بهذه الطريقة. وإذ تحمل الظاهرة أبعادا إنسانية خطيرة فإنها زادت من تفاقم أزمة السكن بجيجل، خاصة بالنسبة للموظفين وذوو الدخل المحدود الذين يضطرون للكراء. أما الصنف الثاني، فإن صاحب الشقة يسكن في بيته طول السنة وفي الصيف يجد مكانا له ولأسرته ويكري شقته في الصيف، وهذا شرد نفسه بنفسه. وإذا كانت مديرية السياحة، ومن أجل تغطية نقص هياكل الإيواء بالولاية تشجع فكرة "الإقامة عند القاطن" فإنها لا تعي هذا المفهوم وهذه الطريقة التي لها مخاطر عديدة. كراء المنازل بصفة غير شرعية له مخاطر عديدة يعد كراء المنازل للتصييف بالشكل الذي تطرقنا له آنفا ظاهرة تتطلب كثيرا من المحاذير؛ على اعتبار أن لها أبعاد وانعكاسات مختلفة، مجتمعية اقتصادية وأمنية...الخ؛ فعملية كراء الشقق للتصييف بجيجل تتم في الغالب في السوق السوداء دون مراقبة الدولة، وهذا ما له من مخاطر على الطرفين الكاري والمكتري، فبالإضافة إلى المحاذير التي تطرقنا إليها سابقا؛ فإن عدم التصريح بالسائح له مخاطر أمنية واقتصادية للدولة. فمن الناحية الأمنية، عدم التصريح بالسائح سيجعل كثير من المجرمين يقطنون بجيجل ويسيحون فيها دون علم للمصالح الأمنية بذلك، بالاضافة إلى المخاطر الأخرى... أما المشكل الاقتصادي فإن "الكراية" لا يدفعون ولا مليما للخزينة العمومية بسبب نشاطهم الأسود؛ وهذا يعتبر خسارة كبيرة للخزينة العمومية؛ فإذا كانت مديرية السياحة تحصي مثلا أزيد من 2500 شقة وفيلا كل موسم اصطياف، وبعملية بسيطة إذا كان كل مستأجر يدفع خلال موسم الاصطياف الممتد من 01 جوان حتى 30 سبتمبر من كل سنة، أي في فترة 4 أشهر يدفع ضريبة على نشاطه المربح 20000 دج فإننا نحصل على مبلغ 50000000 دج وهو مبلغ محترم جدا. وعليه، فإن القطاع السياحي بجيجل بحاجة إلى صرامة وتنظيم وضبط، لتجنب المشاكل التي ذكرناها سابقا، وللارتقاء بالفعل السياحي بجيجل وحتى تكون الوجهة السياحية رقم 1 في الجزائر.