تحوّل مطار طرابلس إلى مدخل لحرب إقليمية شاملة تهدّد المنطقة المغاربية بأكملها. وفي هذا الصدد أعلنت مصادر إعلامية عن معركة شرسة انتهت بسيطرة مليشيات مناوئة لقات حفتر ومجموعات الزنتان التي ظلت تسيطر على المطار منذ سقوط نظام القذافي في صيف 2011. ويرى خبراء في الأمن والجماعات أن سيطرة الجماعات المتشددة على مطار طرابلس ستكون له انعكاسات سلبية على الوضع في المنطقة بشمال إفريقيا والمغرب العربي عموما، حيث ستكون سماء المنطقة مفتوحة على كل الاحتمالات، بما في ذلك تضاعف احتمالات التهديدات الأمنية القادمة عبر الطائرات الشبح التي فتحت بوابة التدخل الأجنبي دون أن يُعرف مصدرها، خصوصا الطائرات التي تقصف بشكل متواصل تخوم مطار طرابلس. كما أن إحكام الجماعات المتطرفة سيطرتها على المنافذ الإستراتيجية في ليبيا يهدد بتحويل ليبيا إلى رهينة بيد تلك المجموعات التي تتقاتل على مناطق النفوذ والسيطرة على المنافذ والممرات لتهيئة ليبيا إلى مرحلة خطيرة تكون فيها الدولة قد انهارت بشكل تام، وهذا ما يفتح الباب واسعا أمام الفلتان الذي تمتد آثاره ومخاطره إلى دول الجوار خصوصا الجزائر التي تبقى مستهدفة من أكبر المليشيات التي تسعى لنقل الحرب من ليبيا إلى الجنوب الجزائري عبر استهداف المناطق الإستراتيجية الغنية بالنفط أو استعمال المجال الجوي لشن هجمات على طريقة القاعدة في 11 سبتمبر 2001. ويرى خبراء الأمن في عدة دول مغاربية في مقدمتها الجزائر أن أمن الجزائر أصبح ينطلق من الوضع الداخلي الليبي، وهذا ما يفسر في حد ذاته المساعدات الهامة التي قدمتها السلطات الجزائرية للحكومة الليبية في عدة مجالات سياسية وأمنية واقتصادية على أمل تجاوز الصعوبات والتعقيدات التي تعترض طريق هذه الحكومة التي سقطت في امتحان النهوض بالدولة بسبب تحول النزاع في ليبيا عن مساره السياسي إلى القبلي والعشائري، وهو ما ظل نظام القذافي يحذّر منه قبيل سقوطه، عندما دعا الليبيين إلى الحوار وتفادي ما سمي وقتها بالربيع العربي الذي زج بالمنطقة في أتون التوتر والقتل والفتن التي مازالت تحصد أرواح المواطنين هناك، وتلقي بظل مخاطرها على الدول المجاورة في مقدمتهم الجزائر ومصر وتونس. وقد أدى ظهور الحركات المسلحة الموالية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة اختصارا بداعش، إلى ارتفاع مستوى المخاطر الأمنية في المنطقة خصوصا أن الولاء المطلق لداعش من قبل مليشيات وجماعات مغاربية لم يعد سرا بل أصبح يتم جهرا وفي وسائل الإعلام دون تردد، كما يمكن مستوى الخطر في كون الكثير من المنتسبين لتنظيم داعش من دول المغرب العربي خاصة المغرب وليبيا.