السداسي الثاني سنة 2014 شهد أهم حدث عالمي هو انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ سنة 2009 حيث هبط إلى أقل من 60 دولارا للبرميل بسبب التعنت السعودي والرفض المتكرر لتخفيض الحصص الإنتاجية بحوالي 5 بالمائة وهو الرقم الذي اقترحته كل من الجزائر وفنزويلا خلال اجتماع الأوبك بفيّنا على دول الخليج التي ظلت مصرة على قرارها، ليضع بذلك الحكومة في موقف لم تحسب له حسابا، فمنذ نزول الأسعار عن سقف 80 دولارا للبرميل دخلت الحكومة في حالة من التخبط بسبب ارتباطه بمدى تنفيذ وعود شراء السلم الاجتماعي وازدياد المطالب الاجتماعية والاحتجاجات والإضرابات عن العمل المطالبة بتحسين الظروف المعيشية لأصحابها والاستفادة من ريع النفط، الذي وظف ثلث مداخيله في الحماية الاجتماعية ودعم المواد الاستهلاكية. فحكومة الوزير الأول عبد المالك سلال دخلت منذ انهيار الأسعار لم تتمكن من الاهتداء إلى أي خطة بديلة، لمواجهة تداعيات انهيار أسعار النفط في السوق العالمية على التوازنات الاقتصادية والسياسية للبلاد،رغم أنّ المتأثر الأوّل بتراجع مداخيل البلاد، هو سياسة شراء السلم الاجتماعي وهو ما دفع وزراء سلال للظهور أمام الرأي العام ومحاولة تطمينه وتخفيف حدة الكارثة الاقتصادية والأزمة المالية التي قد تعرفها الجزائر في السنوات المقبلة بسبب انخفاض أسعارالنفط، مما جعل خبراء الاقتصاد يتهمونها بعدم امتلاك رؤية اقتصادية واضحة واتهامها بالفشل في تحقيق النهضة المنشودة، وإضاعة فرصة توظيف حوالي 800 مليار دولار في إحداث التنمية الشاملة. الحكومة من جهتها اعترفت بخطورة الوضعية المالية في السنوات المقبلة، حيث عقد رئيس الجمهورية اجتماعا وزاريا مصغرا وجه فيه إنذارات شديدة اللهجة إلى الوزراء وخرج بقرارات أهمها انتهاج سياسة تقشفية باعتماد إجراءات للحد من نزيف الخزينة العمومية على غرار تجميد كل مسابقات التوظيف والمناصب المالية المتوفرة تخضع لموافقة الوزير الأول شخصيا، إضافة إلى تجميد المشاريع الكبرى خلال الفترة الحالية وإعادة ترتيبها حسب الأولوية وتقليص ميزانيات تسيير وتجهيز الوزارات وحمل البنوك العمومية والخاصة على تمويل المشاريع الاستثمارية بدل الخزينة دون المساس بسياسة الدعم الحكومي للمواد الاستهلاكية، وهي الحلول التي وصفها الخبراء بالمسكنات نظرا لتفضيلها السلم الاجتماعي على تنمية اقتصاد البلاد.