وزارة الدفاع: "الوضع مقلق ولنا كل الإمكانيات لمواجهته" تواجه الحكومة الجزائرية تحديات أمنية غير مسبوقة عبر بوابتها الحدودية الشرقية والجنوبية لمجابهة فوضى وأزمات أمنية متفاقمة متصلة بالوضع المتفجر في ليبيا وانتشار مقلق لشبكات تهريب الأسلحة في منطقة الساحل ومخاطر تمدد "تنظيم داعش" الإرهابي الذي أعلن سيطرته على مناطق واسعة من التراب الليبي. وقد اعترفت قيادة أركان الجيش الوطني الشعبي بأن "الوضع خطير ومقلق" وأكدت أنها جندت العدة والعتاد للتصدي لأي "عمل إرهابي محتمل" على الحدود بالتزامن مع تواصل العمليات العسكرية لاستئصال البؤر الإرهابية في المناطق الساحنة داخليا واستمرار نشاط دبلوماسي مكثف تقوده الحكومة لتفكيك قنابل الاضطرابات الأمنية عن طريق الحل السياسي خاصة في مالي وليبيا. منذ إعلان جماعة منشقّة عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تأسيس تنظيم جديد باسم "جند الخلافة في أرض الجزائر"، ومسارعته إلى مبايعة تنظيم "الدولة الاسلاميّة في العرق والشام" (داعش) وزعيمه أبوبكر البغدادي، أخذت الحكومة الجزائريّة على محمل الجدّ، إمكانيّة تمدّد التنظيم الإرهابي إلى الجزائر، في ظلّ إصرار مجموعات مسلّحة، صغيرة العدد، على الاستمرار في العمل الإرهابي في ولايات منطقة القبائل ومناطق شرقية وعلى الحدود مع ليبيا وتونسومالي. وتوحي العمليات الإرهابيّة المتفرّقة بشكل متباين في أكثر من منطقة في الجزائر، بوجود أكثر من تنظيم إرهابي، لكنّ الواقع لا يؤكد هذا الطرح، ويؤشر على أنّ تنفيذ عمليات إرهابيّة في مناطق متباينة، ليس سوى خطوة تكتيكيّة من قبل الجماعات الإرهابيّة، لإعطاء الانطباع بوجودها في كلّ مناطق البلاد. لكنّ الثابت أنّ خريطة التواجد والنشاط الفعلي للمجموعات المسلّحة، ترسم نفسها على أساس تواجد مركزي في منطقة الصحراء جنوبيالجزائر ، حيث تتواجد مجموعات تتبع تنظيم "الموقعون بالدماء"، الذي نشأ بالتحالف بين كتيبة الملثمين بقيادة مختار بلمختار، وتنظيم التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا. ويستفيد التنظيم الارهابي من جغرافيّة المنطقة وتعقيداتها القبليّة، التي تمتد إلى مالي والنيجر، كما تُعدّ منطقة شرقي الجزائر القريبة من الحدود مع تونس، أبرز مناطق نشاط الجماعات الإرهابيّة، مستفيدة من تواصلها مع المجموعات المسلّحة التونسيّة المتمركزة في جبل الشعانبي، على الحدود بين البلدين. وتضمّ منطقة القبائل، خمس ولايات تقع بالقرب من العاصمة الجزائرية إلى الشرق، وهي ولايات البويرة وتيزي وزو وبجاية وبرج بوعريريج وبومرداس، وتُعدّ أكثر المناطق الساخنة في الجزائر، ويُرجّح أن تكون قيادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وزعيمها عبد المالك درودكال متمركزة فيها. ومعلوم أن هذه التنظيمات ليست لها القدرة على إرباك المشهد الأمني فاختارت التشويش من وقت لآخر من خلال عمليات لا تحمل سوى طابع الاستعراض والبحث عن الصدى الإعلامي لكن قيادة الجيش كانت لها دوما بالمرصاد على غرار ما جرى من عمليات واسعة لعل أكبرها القضاء على زعيم جند الخلافة في تيزي وزو وذراعه الأيمن وقياديين من التنظيم. وبالموازاة لم يعد شبح تنظيم الدولة الإسلامية الرابضة على الحدود الجزائرية الليبية بعيدا عن تصورات أعلى القيادات والمسؤولين في الدولة، بعدما خرجت تصريحات عديدة تحذر من فرضية تمدد التنظيم الدموي المعروف اختصارا "بداعشو". كشفت الأعمال الإرهابية الوحشية التي اقترفها التنظيم المسلح مؤخرا في ليبيا ، عن حجم الانتشار الذي يتمتع به التنظيم هناك، لتعزز تصريحات مسؤولين ليبيين من هذه المخاوف رغم لهجة التحدي التي سادت من قبل بين الطرفين. ما حذا بوزير الخارجية، رمطان لعمامرة، للقول إن الجزائر تتابع "بقلق شديد" الوضع في ليبيا التي تربطها معها حدود بطول ألف كيلومتر تقريبا. ومن الجزائر أيضا، أكد مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الوطني، أن الوضع على الحدود الجزائرية بات "مقلقا"، بالنظر للفوضى الأمنية التي تشهدها ليبيا من جهة، والمعارك الأخيرة بين الجيش المالي والمتمردين الطوارق في جنوب البلاد من جهة أخرى. مؤكدا أن "تدهور الوضع الأمني في دول الجوار يفرض على الجزائر أكثر من أي وقت آخر اليقظة الدائمة والانتشار الدقيق على طول الحدود الجزائرية البالغة أكثر من ستة آلاف كيلومتر مع سبع دول منها تونس وليبيا والنيجر ومالي." ونوّه المسؤول في وزارة الدفاع الجزائرية بالدور "المحوري" للجزائر "الذي تدور حوله الاستراتيجية الأمنية ومكافحة الإرهاب العابر للحدود الذي تقوده كامل دول الساحل". لاسيما أن الجزائر اكتسبت هذا الدور استنادا إلى موقعها الإستراتيجي والوسائل التي تتوفر عليها، وخبرتها الكبيرة والجادة في محاربة الإرهاب منذ بداية التسعينات جدير بالذكر، أن الجزائر أحبطت خلال الأسابيع الماضية محاولات عديدة لتسلل إرهابيين من دول الجوار عن طريق وحدات قوات الجيش الشعبي الوطني المنتشرة في كافة المناطق الحددوية.