مراقبة أمنية صارمة وتفتيش دقيق للوافدين من طرف مصالح الأمن 6 ساعات كاملة حتى تستطيع دخول الأراضي التونسية، فهي رحلة جديدة أمام الحدود في قلب رحلة قادتنا من العاصمة الجزائر نحو تونس، لم نكن نتوقع أن دخول أرض تونس الشقيقة سيكون بهذه الصعوبة، إجراءات أمنية مكثفة تفتيشات عديدة وأجهزة دقيقة، ورقابة مشددة على جل الوافدين إلى منطقة لحدادة بالحدود الجزائريةالتونسية، وفدنا الذي كان متكونا من 700 شخص لم يجد سبيلا للعبور بسرعة إلا بعد مضي 6 ساعات، بعد التدقيق في جوازات السفر وتفتيش أمتعتنا للتأكد من عدم تمرير أية ممنوعات أو تهريب مواد إلى تونس، وكأننا أشخاص خطيرين أو مشتبه فيهم، لنكتشف بعد ذلك بأن الهجوم الإرهابي على متحف باردو بتونس الأخير كان وراء هذه التعزيزات التي جعلت مصالح الأمن بالتنسيق مع الجمارك تطوّق الحدود الجزائريةالتونسية. وما لاحظناه أن مصالح الأمن كثفت إجراءات الرقابة أيضا على التوانسة الذين يعبرون الحدود الجزائرية من خلال تفتيشهم بدقة، إضافة إلى التدقيق في جوازات سفرهم فأي شخص يرغب في الدخول إلى الأراضي الجزائرية الانتظار سيكون مصيره، خاصة إذا كان على متن شاحنة معبأة بالأمتعة، ففتحها سيكون إجباريا وتفتيش جل الركاب أمر حتمي لا محالة للتأكد من الهوية وعدم الضلوع في الشبكات الإرهابية، تخوفا من اتخاذ هذه الأخيرة الجزائر كمنطقة لتنظيم عملياتها وتكثيف نشاطاتها الإجرامية، كما أن التفتيش سيكون عدة مرات في إجراء جديد. ونحن ننتظر أن ترد لنا جوازات سفرنا وننال موافقة الانطلاق، نلمح من بعيد رجال الجيش الشعبي الوطني على بعد 300 متر بين الحدود الجزائريةالتونسية يترقبون أية حركة، أردنا أن نقترب قليلا فإذا بعون أمن يمنعنا ويقول "ماذا تفعلون... لم نرد لك جواز سفرك وهذا ممنوع أصلا"، أردت أن أستفسر عن جواز سفري وما إذا كنا نستطيع مغادرة المكان بعد 4 ساعات من الانتظار فلم يسمحوا لي حتى بالولوج إلى مكتب المراقبة باعتبار مصالح الجمارك تدقق في هويات المرافقين للوفد الجزائري الذي كان متوجها للمشاركة في المنتدى الاجتماعي العالمي بالعاصمة التونسية. وحسب أحد الجمركيين الذي اقتربنا منه لتبادل أطراف الحديث والسؤال عن الوضع في الحدود بيننا وبين تونس دون أن نكشف له عن هويتنا بأننا صحافة ليقول لي الأمر عادي وكل شيء على ما يرام، لكن إجابته لم تروِ فضولي المتعطش لمعرفة تفاصيل التدقيق الكبير في الوافدين على نقطة العبور بالحدادة لأرمقه بسؤال آخر "وبعد حادثة باردو هل من جديد لديكم"؟ ليرد علي "وهل أنا في تحقيق" ليبتسم بعد ذلك ويرد "بعد تلك الحادثة عززنا رجال الأمن وحراسة الحدود لتفادي أية مشاكل لتطويق الحدود من الجماعات الإرهابية التونسية.. اطمئنوا الجزائر آمنة"، لأتأكد مباشرة بعد ذلك بأن ما جال بخاطري وما لاحظته كان صحيحا فلا عبور إلا بعد الخضوع لتفتيش دقيق. منحت لنا جوازات سفرنا بعد أن فتشت أمتعتنا بدقة دون أن نهان رغم أننا كنا ضمن الوفد الجزائري الرسمي الممثل للجزائر في تونس، لتكون وجهتنا هذه المرة نقطة العبور التالية لدخول الأراضي التونسية التي لم تكن تبعد سوى بضعة أمتار على مكاتب المراقبة الجزائرية ليستقبلنا التوانسة بصدر رحب ولكن هذه المرة لم يكن مكوثنا بنقطة العبور التونسية سوى بضع دقائق بعد أن تم النظر في جوازاتنا مما يؤكد لنا بأن مصالح المراقبة التونسية في تنسيق دائم مع نظيرتها الجزائرية لتفتح لنا الطريق للولوج إلى تونس الخضراء، لكن قبل ذلك لمحت من بعيد ونحن نخرج من مكاتب المراقبة الجزائرية حراس الحدود منتشرين في كل مكان والأشجار تغطيهم من كل جهة لتظهر لنا عزيمة الجزائر في حماية الحدود من أية جماعات إرهابية بعد العشرية السوداء التي لم تمح جروحها ولم تخمد آلامها بعد. الجزائريون والتوانسة في مسيرة موحدة منددة بالإرهاب - "كلنا باردو" تكذّب ادعاءات الغرب وتقزّم "شارلي إيبدو" حملت تظاهرة انطلاق فعاليات المنتدى الاجتماعي العالمي في طبعته ال23 بتونس، شعارات عدة تصب في مجملها حول محاربة الإرهاب والعنف بشتى أشكاله، القضاء على الاستعمار وإقرار وحدة مغاربية وهزمت شعارات "كلنا باردو" ادعاءات الغرب وتفوقت على مسيرة "شارلي إيبدو". وانطلقت المسيرة من شارع بابا سعدون من العاصمة تونس مرورا بساحة 20 مارس إلى غاية متحف باردو بمشاركة 120 دولة على غرار فرنسا، ألمانياوالجزائر التي شارك فيها 1200 شخص من منظمات حكومية وغير حكومية الذين نددوا بالإرهاب والهجوم الإرهابي الذي طال متحف باردو العاصمة، كما رافعوا عن القضية الفلسطينية والصحراء الغربية التي قالوا إنها ليست مغربية، وما أثار بلبلة ومشادات كلامية بين الجزائريين والمغاربة هو حمل رعايا المخزن للافتات مستفزة تحمل شعارات تتهم الجزائر بالاستلاء على الأراضي المغربية بشكل تعسفي انتهت بتدخل الشرطة التونسية، مما جعل هذه التظاهرة تحمل في طياتها أبعادا سياسية. وشدد المشاركون في المسيرة الألفية بتونس على محاربة الإرهاب، في وقت أكد فيه التوانسة أن الإرهاب جبان وأنهم لا يخافونه، مرددين شعارات كلنا تونس، نحن باردو، الإرهاب جبان لا للعنصرية نطالب بالحرية، كما اغتنم المشاركون في المنتدى الاجتماعي العالمي فرصة لرفع شعارات ومطالب اجتماعية على غرار الاتحاد الوطني للمرأة التونسية الذي دعا الحكومة التونسية إلى إقرار مزيد من الامتيازات للنساء العاملات، لاسيما المرأة الريفية ومنحها تغطية اجتماعية. وخلال المسيرة كانت القضية الفلسطينية هي الأخرى سيدة الملتقى، حيث رفعت شعارات بتحرير فلسطين والتأكيد على المساندة المطلقة للقضية. مبعوثة "البلاد" إلى تونس/ مدينة بشيري