خسائر بالجملة في المناطق الفلاحية بسبب فيضان الأودية فجّرت الأمطار التي تهاطلت طيلة ال24 ساعة الأخيرة على ولايات الوسط والشرق والغرب، احتجاجات عارمة للعائلات المنكوبة في عدة مناطق وأربكت الحركة المرورية بالطرقات الوطنية وتسببت في وقوع حوادث سير أسفرت عن تسجيل قتلى وجرحى. كما أحدثت السيول الجارفة رعبا وسط قاطني السكنات الهشة وعلى ضفاف الوديان. وعاشت الجزائر العاصمة والولايات الكبرى مشاهد من "الطوفان" الذي شلّ تلك المدن وتسبب في انسداد قنوات صرف المياه بشكل أجبر العديد من المدارس والهيئات العمومية على تسريح التلاميذ والعمال، مما خلق حالة ازدحام مروري خانق جعل العديد من هؤلاء يصلون إلى بيوتهم في ساعات متأخرة. وفضحت الأمطار الغزيرة المسؤولين الذين لم يتمكنوا من التحكم في الوضعية، بفعل تساقط أمطار الخريف، قبل حلول فصل الشتاء، حيث تزامن تساقط الأمطار مع الحديث عن إطلاق مخططات الوقاية من الفيضانات التي يبدو أنها ستظل حبرا على ورق بسبب انقطاع عدة محاور طرق وانهيار منازل ووقوع حوادث سير بالجملة. وتجاوز عدد التدخلات التي أحصتها مصالح الحماية المدنية، أمس، عبر 13 ولاية معنية بالنشرية الخاصة لديوان الأرصاد الجوية أزيد من 800 تدخل تتعلق أساسا بامتصاص مياه السيول وارتفاع منسوب مياه الأودية، وانهيار المنازل والبيوت القصديرية. وأوضح مصدر من المديرية العامة للحماية المدنية بأن "أغلب التدخلات سجلت خاصة الجزائر العاصمة وبومرداس وسطيف وخنشلة بالنظر إلى كمية الأمطار الغزيرة المتساقطة"، وسجلت عدة إصابات بجروح بلغ عددها 8 حالات لم تكن خطيرة في حوادث انهيار المنازل خاصة في ولايات عنابة والطارف وقسنطينة. وقد أدت كميات الأمطار التي تساقطت ببومرداس إلى خسائر فادحة لحقت بنحو 200 عائلة من سكان عائلات التجمعات السكنية محل عمليات الترميم والصيانة، التي انطلقت قبل شهرين بعمليات عشوائية، تلاها توقف أشغالها لأكثر من 45 يوما، حيث تسبب تساقط الأمطار، في تسرب كميات هائلة من مياه الأمطار أغرقت شقق الطوابق العلوية بالمياه امتدت تنازليا إلى طوابق الشقق الأخرى محدثة أضرارا كبيرة في التأثيث المنزلي والديكور الداخلي للشقق، كما تسببت في إحداث شرارات كهربائية، حسب بعض العائلات التي استنجدت بمصالح الحماية المدنية. وفي البليدة تسببت الأمطار المتساقطة خلال ال12 ساعة الماضية، في تحول الطرقات بمنطقة النشاط الاقتصادي إلى سيول، نتيجة الحفر المنتشرة على طولها، وتسربها إلى مساكن بحي السواكرية في مفتاح والعفرون وأحياء شعبية عتيقة. وزادت أشغال الصيانة وتهيئة بعض الطرقات في غرق الطرق المحورية والرئيسية بوسط البليدة وضواحيها، ووقع العشرات من سائقي المركبات عبر طرقات منطقة النشاط الاقتصادي بن بولعيد في فخ الحفر التي تكاد تنتشر في كل زاوية منه. ففي عنابة، خرج سكان حي 11 ديسمبر إلى الشارع للاحتجاج على غياب التهيئة فيما انتفض سكان حي "الشنطاطة" وسط المدينة للمطالبة بالترحيل خوفا من انهيار المنازل القديمة وكشفت ساعات قليلة من الأمطار عن عيوب سياسة الترقيع والبريكولاج المنتهجة من طرف السلطات المحلية، التي لم تقم بتهيئة البالوعات تحسبا لحلول موسم الشتاء المعروف باضطراباته الجوية المرفقة بغزارة المياه الشتوية، رغم النشرية الخاصة التي أصدرتها مصالح الأرصاد الجوية محذرة من اضطراب جوي. كما اجتاحت أمطار غزيرة ولاية ڤالمة وأحدثت فيضانات بعدة مناطق، وعزلت مشاتي ريفية كانت تعتمد على مسالك ترابية في التنقل باتجاه المدن والقرى المجاورة لها. في مدينة حمام دباغ، غمرت مياه الفيضانات منطقة الشلال وقطعت الطريق الرابط بين وسط المدينة والفضاءات السياحية الواقعة بمحمية العرائس، وعجز معبران صغيران عن استيعاب الفيضان القوي وغمرت المياه والأوحال ساحة الشلال وطريقين رئيسيين في ساعة مبكرة من صباح أمس. وقد عاشت جل البلديات الفيضية في ولاية الطارف على غرار بلديات ابن مهيدي والشط وبالريحان وعصفورو زريزر وبوثلجة والبسباس، حالة طوارئ حيث عزلت السيول عدة أحياء وتجمعات سكانية وغمرت المياه عشرات المنازل مما أدى بالعائلات إلى جمع أثاثها المنزلي والهروب إلى ذويها خوفا من الطوفان، فيما فرت عائلات أخرى إلى أعالي سطوح منازلها خوفا من تغمرهم السيول. وقامت المصالح المعنية بالتنسيق مع البلديات بإجلاء 55 عائلة منكوبة حاصرتها المياه نحو المؤسسات التربوية وهياكل النشاط الاجتماعي، فيما سجل تضرر أزيد من 200 عائلة، خصوصا بمناطق الجهة الغربية لدوائر الذرعان والبسباس، بالإضافة إلى بوثلجة وبالريحان.