خلقت انزلاقات سعر صرف الدينار الجزائري أمام سلة العملات الصعبة، حالة انهيار في ثقة الجزائريين بعملتهم الوطنية لم يعرف لها مثيل منذ سنوات، مما دفع الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين إلى دق ناقوس الخطر إزاء ذلك بعد أن سجلت ذات الهيئة بناء على تقديرات المتعاملين ارتفاعا في الطلب على العملة الصعبة تجاوز ال30 بالمائة فسرها الناطق الرسمي باسم اتحاد التجار حاج طاهر بولنوار لأسباب عدة أهمها فقدان الثقة بالدينار، مما أدى إلى تهافت كبار التجار والمتعاملين الاقتصاديين على تحويل العملة الوطنية إلى الأورو والدولار من الأسواق الموازية عوض العقارات والذهب ليختل بذلك قانون العرض والطلب لصالح العملات الأجنبية وعلى رأسها العملة الأكثر طلبا "الأورو" التي سعرت في تداولات السوق السوداء للعملة أمس "السكوار" ب170 دينارا مقابل 1 أورو. وأوضح بولنوار خلال ندوة صحافية عقدها أمس، بمقر المداومة التابع للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين بالعاصمة أن فقدان الثقة في العملة الوطنية مرده سياسات بنك الجزائر المركزي بعد أن عمد إلى تخفيض قيمة العملة الوطنية ب20 بالمائة وكذلك اهتزاز الخطاب الاقتصادي للحكومة مؤخرا وما تبعه من شائعات تغيير العملة، مؤكدا أن النقاش السائد مؤخرا بين التقشف وترشيد النفقات يؤشر إلى مناخ أعمال رديء ينفر المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال مما يساهم في بطئ عجلة الإنتاج الوطني وبالتالي فشل أي محاولات لإنعاش العملة. ويتوقع الناطق باسم التجار، أن تتجاوز الكتلة النقدية للعملة الصعبة المتداولة في السوق الموازية ال5 ملايير دولار، وهو رقم ضخم يشجع أصحاب النشاطات المشبوهة وغير الشرعية، داعيا السلطات إلى تعديل التعليمة رقم 96-08 المؤرخة في 18 ديسمبر 1996 التي تنظم نشاط مكاتب الصرف بما يسمح بإعادة بعث هذا النشاط والقضاء على "ظاهرة السكوار". وحسب الأرقام المتوفرة، فإن الدينار الجزائري شهد انزلاقا متدرجا، فمن سبتمبر 2014 إلى حد كتابة هذه الأسطر عرف الدينار تراجعا في أسواق العملة، خاصة أمام الدولار الذي انخفض في ظرف وجيز بحوالي 12 %، حيث كان الدولار يعادل 82 دينارا، فيما وصل خلال الثلاثي الأول لهذه السنة إلى 94 دينارا، ليرتفع إلى 98 دينارا الصيف الماضي ومن ثم تجاوز حد ال100 دينار لأول مرة شهر سبتمبر، فيما ارتفع سعره في السوق الموازية من 140 دينارا إلى 160 دينارا مؤخرا، كما انخفض الدينار أمام الأورو بنسبة 5 % ليصل إلى 107 دنانير، ثم قفز إلى 110 دنانير في السوق الرسمية، بنسبة نمو إجمالية بحوالي 20 %، فيما ارتفع سعره من 160 دينارا الشهر الماضي إلى نقطة ذروته أول أمس ب178 دينارا، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من تآكل قيمة العملة وبالتالي قدرتها الشرائية. وبرز عدد من المظاهر التي تفيد بفقدان الثقة في العملة الوطنية، منها تحويل الدينار إلى العملات الأجنبية أو الذهب كمادة ملجأ. بالمقابل، فإن قيمة السلع والبضائع وخاصة الغذائية والاستهلاكية عرفت نسب نمو تضخمية بمستويات معتبرة، إذ ارتفعت قيمة بعض السلع بنسب تتراوح بين 60 و120 % خلال 15 سنة الماضية.